وقيل في هذا الوجه: الخبر محذوف، والتقدير: وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء لكم أو يفتيكم، وحذف لدلالة ما قبله عليه. وعلى هذا التقدير في الكتاب بقوله: يتلى عليكم، أو تكون في موضع الحال من الضمير في يتلى، وفي يتامى بدل من في الكتاب. وقال أبو البقاء في الثانية: تتعلق بما تعلقت به الأولى، لأن معناها يختلف، فالأولى ظرف، والثانية بمعنى الباء أي: بسبب اليتامى، كما تقول: جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد. ويجوز أن تتعلق الثانية بالكتاب أي: فيما كتب بحكم اليتامى. ويجوز أن تكون الثانية حالاً، فتتعلق بمحذوف. وأما النصب فعلى التقدير: ويبين لكم ما يتلى، لأن بفتيكم معناها يبين فدلت عليها. وأما الجر فمن وجهين: أحدهما: أن تكون الواو للقسم كأنه قال: وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب، والقسم بمعنى التعظيم، قاله الزمخشري: والثاني: أن يكون معطوفاً على الضميرالمجرور في فيهن، قاله محمد بن أبي موسى. وقال: أفتاهم الله فيما سألوا عنه، وفي ما لم يسألوا عنه. قال ابن عطية: ويضعف هذا التأويل ما فيه من العطف على الضمير المخفوض بغير إعادة حرف الخفض. قال الزمخشري: ليس بسديد أن يعطف على المجرور في فيهن، لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى انتهى.

والذي ختاره هذا الوجه، وإن كان مشهور مذهب جمهور البصريين أنّ ذلك لا يجوز إلا في الشعر، لكن قد ذكرت دلائل جواز ذلك في الكلام. وأمعنتُ في ذكر الدلائل على ذلك في تفسير قوله: {وكفر به} و {المسجد الحرام} وليس مختلاً من حيث اللفظ، لأنّا قد استدللنا علي جواز ذلك، ولا من حيث المعنى كما زعم الزمخشري، بل المعنى عليه ويكون على تقدير حذف أي: يفتيكم في مثلوهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب، من إضافة متلو إلى ضميرهن سائغة، إذ الإضافة تكون لأدنى ملابسة لما كان متلواً فيهن صحت الإضافة إليهما. ومن ذلك قول الشاعر:

إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015