وقال الزمخشري: الوجه العطف على العلة لقوله: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم} الآية بعد قوله: فخذوهم واقتلوهم، فقرر أنّ كفهم عن القتال أحد سببي استحقاقهم لنفي التعرض لهم، وترك الإيقاع بهم. (فإن قلت) : كل واحد من الاتصالين له تأثير في صحة الاستثناء، واستحقاق ترك التعرّض الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافين، فهلا جوزت أن يكون العطف على صفة قومٍ، ويكونَ قوله: فإن اعتزلوكم تقريراً لحكم اتصالهم بالكافين، واختلاطهم فيهم، وجريهم على سننهم؟ (قلت) : هو جائز، ولكنَّ الأول أظهر وأجرى على أسلوب الكلام انتهى. وإنما كان أظهروا وأجرى على أسلوب الكلام لأنّ المستثنى محدث عنه محكوم له بخلاف حكم المستثنى منه. وإذا عطفت على الصلة كان محدثاً عنه، وإذا عطفت على الصفة لم يكن محدثاً عنه، إنما يكون ذلك تقييداً في قوم الذين هم قيد في الصلة المحدث عن صاحبها، ومتى دار الأمر بين أن تكون النسبة إسنادية في المعنى، وبين أن تكون تقييدية، كان حملُها على الإسنادية أولي للاستثقال الحاصل بها، دون التقييدية هذا من جهة الصناعة النحوية. وأما من حيث ما يترتب على كل واحد من العطفين من المعنى، فإنه يكون تركهم القتال سبباً لترك التعرّض لهم، وهو سبب قريب، وذلك على العطف على الصلة، ووصولهم إلى من يترك القتال سبب لترك التعرض لهم، وهو سبب بعيد، وذلك على العطف على الصفة. ومراعاة السبب القريب أولى من مراعاة البعيد. وعلى أن الاستثناء متصل من مفعول: فخذوهم واقتلوهم.

وفي مصحف أبي وقراءته: ميثاق جاؤكم بغير واو. قال الزمخشري: ووجهه أن يكون جاؤكم بياناً ليصلونن، أو بدلاً، أو استئنافاً، أو صفة بعد صفة لقوم انتهى. وهي وجوه محتملة، وفي بعضها ضعف. وهو البيان والبدل، لأن البيان لا يكون في الأفعال، ولأن البدل لا يتأتى لكونه ليس إياه، ولا بعضاً، ولا مشتملاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015