من حيث الصناعة النحوية فإنه على ظاهر كلامه يدل على أنَّ أينما تكونوا متعلق بقوله: ولا تظلمون، ما فسره من قوله أي: لا تنقصون شيئماً مما كتب من آجالكم أينما تكونوا في ملاحم الحرب أو غيرها، وهذا لا يجوز، لأن أينما اسم شرط، فالعامل فيه إنما هو فعل الشرط بعده. ولأن اسم الشرط لا يتقدم عليه عامله، فلا يمكن أن يعمل فيه، ولا تظلمون. بل إذا جاء نحو: اضرب زيداً متى جاء، لا يجوز أن يكون الناصب لمتى اضرب. فإن قال: يقدّر له جواب محذوف يدل عليه ما بله وهو: ولا تظلمون، كما تقدر في اضرب زيداً: متى جاء، فالتقدير: أينما تكونوا فلا تظلمون فتيلاً أي: فلا ينقص شيء من آجالكم وحذفه لدلالة ما قبله عليه. قيل له: لا يحذف الجواب إلا إذا كان فعل الشرط بصيغة الماضي، وفعل الشرط هنا مضارع. تقول العرب: أنت ظالم إن فعلت، ولا تقل أنت ظالم إن تفعل. وقرأ نعيم بن ميسرة: مشيدة بكسر الياء وصفاً لها بفعل فاعلها مجازاً، كما قال: قصيدة شاعرة، وإنما الشاعر ناظمها.
{مَّآ أَصَبَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَبَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} .