{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} قدم لا على القسم اهتماماً بالنفي، ثم كررها بعد توكيداً للتهمم بالنفي، وكان يصح إسقاط لا الثانية، ويبقى أكثر الاهتمام بتقديم الأولى، وكان يصح إسقاط الأولى ويبقى معنى النفي، ويذهب معنى الاهتمام. وقيل: الثانية زائدة، والقسم معترض بين حرف النفي والمنفي. وقال الزمخشري: لا مزيدة لتأكيد معنى القسم، كما زيدت في لئلا يعلم لتأكيد وجوب العلم. ولا يؤمنون جواب القسم. (فإن قلت) : هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر لا في. لا يؤمنون. (قلت) : يأبى ذلك استواء النفي والإثبات فيه، وذلك قوله: {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم} انتهى كلامه. ومثل الآية قول الشاعر:
ولا والله لا يلقى لما بي
ولا للما بهم أبداً دواء
وحتى هنا غاية، أي: ينتفي عنهم الإيمان إلى هذه الغاية، فإذا وجد ما بعد الغاية كانوا مؤمنين.
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَرِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ} وأن هنا يحتمل أن تكون تفسيرية، وأن تكون مصدرية على ما قرروا أنَّ أنْ توصل بفعل الأمر.
وارتفع قليل، على البدل من الواو في فعلوه على مذهب البصريين، وعلى العطف على الضمير على قول الكوفيين، وبالرفع قرأ الجمهور. وقرأ أبيّ، وابن أي إسحاق، وابن عامر، وعيسى بن عمر: إلا قليلاً بالنصب، ونص النحويون على أن الاختيار في مثل هذا التركيب اتباع ما بعد إلا لما قبلها في الإعراب على طريقة البدل أو العطف، باعتبار المذهبين اللذين ذكرناهما.