{وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى} وقرىء: والجار ذا القربى. قال الزمخشري: نصباً على الاختصاص كما قرىء {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} تنبيهاً على عظم حقه لإدلالئه بحقي الجوار والقربى انتهى.
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} واختلفوا في إعراب الذين يبخلون، فقيل: هو في موضع نصب بدل من قوله: من كان. وقيل: من قوله مختالاً فخوراً. أفرد اسم كان، والخبر على لفظ من، وجمع الذين حملا على المعنى. وقيل: انتصب على الذم. ويجوز عندي أن يكون صفة لمن، ولم يذكروا هذا الوجه. وقيل: هو في موضع رفع على إضمار مبتدأ محذوف، أي: هم الذين. وقال أبو البقاء: يجوز أن يكون بدلاً من الضمير في فخوراً، وهو قلق.
وقيل: الذين يبخلون في موضع رفع على الابتداء، واختلفوا في الخبر: أهو محذوف؟ أم ملفوظ به؟ فقيل: هو ملفوظ به وهو قوله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} ويكون الرابط محذوفاً تقديره: مثقال ذرة لهم، أو لا يظلمهم مثقال ذرة. وإلى هذا ذهب الزجاج، وهو بعيد متكلف لكثرة الفواصل بين المبتدأ والخبر، ولأن الخبر لا ينتظم مع المبتدأ معناه: انتظاماً واضحاً لأنّ سياق المبتدأ وما عطف عليه ظاهراً من قوله: والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، لا يناسب أن يخبر عنه بقوله: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، بل مساق أنّ الله لا يظلم أن يكون استئناف كلام إخباراً عن عدله وعن فضله تعالى وتقدس. وقيل: هو محذوف فقدره الزمخشري: الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون أحقاء بكل ملامة. وقدره ابن عطية: معذبون أو مجازون ونحوه. وقدره أبو البقاء: أولئك قرناؤهم الشيطان، وقدره أيضاً: مبغضون. ويحتمل أن يكون التقدير: كافرون.