{وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} وفي كفى خلاف: أهي اسم فعل، أم فعل؟ والضجيج أنها فعل، وفاعله اسم الله، والباء زائدة. وقيل: الفاعل مضمر وهو ضمير الاكتفاء، أي: كفى هو، أي الاكتفاء بالله، والباء ليست بزائدة، فيكون بالله في موضع نصب، ويتعلق إذ ذاك بالفاعل. وهذا الوجه لا يسوغ إلا على مذهب الكوفيين، حيث يجيزون أعمال ضمير المصدر كأعمال ظاهره. وإن عنى بالإضمار الحذف ففيه إعمال المصدر وهو موصول، وإبقاء معموله وهو عند البصريين لا يجوز، أعني: حذف الفاعل وحذف المصدر. وانتصب حسيباً على التمييز لصلاحية دخول مَن عليه. وقيل: على الحال. وكفى هنا متعدية إلى واحد وهو محذوف، التقدير: وكفاكم الله حسيباً. وتأتي بغير هذا المعنى، فتعديه إلى اثنين كقوله: {فسيكفيكهم الله} .
{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَلِدَنِ وَالأٌّقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَلِدَنِ وَالأٌّقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ} مما ترك في موضع صفة لنصب وقوله: مما قلّ منه، هو بدل من قوله: مما ترك إلا خيراً، أعيد معه حرف الجر، والضمير في منه عائد على من قوله: مما ترك إلا خير. واكتفى بذكره في هذه الجملة، وهو مراد في الجملة الأولى، ولم يضطرّ إلى ذكره لأن البدل جاء على سبيل التوكيد، إذ ليس فيه إلا توضيح أنه أريد بقوله: مما ترك العموم في المتروك. وهذا البدل فيه ذكر توعى المتروك من القلة أو الكثرة.
وقال أبو البقاء: مما قلّ يجوز أن يكون حالاً من الضمير المحذوف في ترك، أي: مما تركه مستقراً مما قلّ.