{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} وجواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه التقدير: وإن يكذبوك فتسلّ به. ولا يمكن أن يكون فقد كذب رسل الجواب لمضيه، إذ جواب الشرط مستقبل لا محالة لترتبه على المستقبل، وما يوجد في كلام المعربين أنَّ مثل هذا من الماضي هو جواب الشرط، فهو على سبيل التسامح لا الحقيقة. وبنى الفعل للمفعول لأنه لم يقتصر في تكذيب الرسل على تكذيب اليهود وحدهم لأنبيائهم، بل نبه على أنَّ من عادة اليهود وغيرهم من الأمم تكذيب الأنبياء، فكان المعنى: فقد كذبت أمم من اليهود وغيرهم الرسل. قيل: ونكر رسل لكثرتهم وشياعهم. ومن قبلك: متعلق بكذب، والجملة من قوله: جاؤا في موضع الصفة لرسل انتهى. والباء في بالبينات تحتمل الحال والتعدية، أي: حاؤا أممهم مصحوبين بالبينات، أو جاؤا البينات. وقرأ الجمهور: والزبر. وقرأ ابن عامر: وبالزبر، وكذا هي في مصاحف أهل الشأم. وقرأ هشام بخلاف عنه وبالكتاب. وقرأ الجمهور: والكتاب. وإعادة حرف الجر في العطف هو على سبيل التأكيد. وكان ذكر الكتاب مفرداً وإنَّ كان مجموعاً من حيث المعنى لتناسب الفواصل، ولم يلحظ فيه أن يجمع كالمعطوف عليهما لذلك.

وتضمنت هذه الآيات التجنيس المغاير في قوله: الذين قالوا: والمماثل في: قالوا، وسنكتب ما قالوا، وفي: كذبوك فقد كذب. والطباق في: فقير وأغنياء، وفي: الموت والحياة، وفي: زحزح عن النار وأدخل الجنة. والالتفات في: سنكتب ونقول، وفي: أجوركم، إذ تقدمه كل نفس. والتكرار في: لفظ الجلالة، وفي البينات. والاستعارة في: سنكتب على قول من لم يجعل الكتابة حقيقة، وفي: قدّمت أيديكم، وفي: تأكله النار، وفي: ذوقوا وذائقة. والمذهب الكلامي في فلم قتلتموهم. والاختصاص في: أيديكم. والإشارة في: ذلك، والشرط المتجوز فيه. والزيادة للتوكيد في: وبالزبر وبالكتاب في قراءة من قرأ كذلك. والحذف في مواضع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015