{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأًّنفُسِهِمْ} وقرأ حموة تحسبنّ بتاء الخطاب، فيكون الذين كفروا مفعولاً أول. ولا يجوز أن يكون: أنما نملي لهم خير، في موضع المفعول الثاني، لأنه ينسبك منه مصدر المفعول الثاني في هذا الباب هو الأول من حيث المعنى، والمصدر لا يكون الذات، فخرج ذلك على حذف مضاف من الأول أي: ولا تحسبن شأن الذين كفروا. أو من الثاني أي: ولا تحسبن الذين كفروا أصحاب، أنَّ الإملاء خير لأنفسهم حتى يصح كون الثاني هو الأول. وخرجه الأستاذ أبو الحسن بن الباذش والزمخشري: على أن يكون أنما نملي لهم خير لأنفسهم بدل من الذين. قال ابن الباذش: ويكون المفعول الثاني حذف لدلالة الكلام عليه، ويكون التقدير: ولا تحسبن الذين كفروا خيرية إملائنا لهم كائنة أو واقعة. وقال الزمخشري: (فإن قلت) : كيف صح مجيء البدل ولم يذكر إلا أحد المفعولين، ولا يجوز الاقتصار بفعل الحسبان على على مفعول واحد؟ (قلت) : صح ذلك من حيث أن التعويل على البدل والمبدل منه في حكم المنحيّ، ألا تراك تقول: جعلت متاعك بعضه فوق بعض مع امتناع سكوتك على متاعك انتهى كلامه. وهو التخريج الذي خرجه ابن الباذش والزمخشري سبقهما إليه الكسائي والفراء، فالأوجه هذه القراءة التكرير والتأكيد. التقدير: ولا تحسبن الذين كفروا، ولا تحسبن أنما نملي لهم. قال الفرّاء ومثله: هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم، أي ما ينظرون إلا أن تأتيهم انتهى. وقد ردّ بعضهم قول الكسائي والفراء فقال: حذف المفعول الثاني من هذه الأفعال لا يجوز عند أحد، فهو غلط منهما انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015