{لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ} اختلفوا في هذه اللام فقيل: هي لام كي. وقيل: لام الصيرورة. فإذا كانت لام كي فبماذا تتعلق، ولماذا يشار بذلك؟ فذهب بعضهم: إلى أنّها تتعلق بمحذوف يدل عليه معنى الكلام وسياقه، التقدير: أوقع ذلك، أي القول والمعتقد في قلوبهم ليجعله حسرة عليهم. وإنما احتيج إلى تقدير هذا المحذوف لأنه لا يصح أن تتعلق اللام على أنها لام كي يقال: لأنهم لم يقولوا تلك المقالة ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، فلا يصح ذلك أن يكون تعليلاً لقولهم.
{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} وأكد ذلك بالقسم. لأن اللام في لئن هي الموطئة للقسم، وجواب القسم هو: لمغفرة. وكان نكرة إشارة إلى أن أيسر جزء من المغفرة والرحمة خير من الدنيا، وأنه كاف في فوز المؤمن. وجاز الابتداء به لأنه وصف بقوله من الله. وعطف عليه نكرة ومسوغ الابتداء بها، كونها عطفت على ما يسوغ به الابتداء. أو كونها موصوفة في المعنى إذ التقدير: ورحمة منه. وثمَّ صفة أخرى محذوفة لا بد منها وتقديرها: ورحمة لكم. وخبر هنا على بابها من كونها افعل تفضيل، كما روي عن ابن عباس: خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء. وارتفاع خير على أنه خبر عن قوله: لمغفرة.
وترتفع المغفرة على خير الابتداء المقدر. وقوله: خير صفة لا خير ابتداء انتهى قوله. وهو خلاف الظاهر. وجواب الشرط الذي هو إن قتلتم محذوف، لدلالة جواب القسم عليه. وقول الزمخشري: سدَّ مسدَّ جواب الشرط إن عنى أنه حذف لدلالته عليه فصحيح، وإن عنى أنه لا يحتاج إلى تقدير فليس بصحيح.