{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} وتعدت صدق هنا لى اثنين، ويجوز أن تتعدى إلى الثاني بحرف جر، تقول: صدقت زيداً الحديث، وصدقت زيداً في الحديث، ذكرها بعض النحويين في باب ما يتعدى إلى اثنين. ويجوز أن يتعدى إلى الثاني بحرف الجر، فيكون من باب استغفر. واختاروا العامل في إذ صدقكم.
{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَزَعْتُمْ فِى الأٌّمْرِ} وإذاً في قوله: إذا فشلتم، قيل: بمعنى إذ، وحتى حرف جر ولا جواب لها إذ ذاك، ويتعلق بتحسونهم أي: تقتلونهم إلى هذا الوقت. وقيل: حتى حرف ابتداء دخلت على الجملة الشرطية، كما تدخل على جمل الابتداء والجواب ملفوظ به وهو قوله: وتنازعتم على زيادة الواو، قاله: الفراء وغيره. وثم صرفكم على زيادة ثم، وهذان القولان واللذان قبلهما ضعاف. والصحيح: أنه محذوف لدلالة المعنى عليه، فقدره ابن عطية: انهزمتم. والزمخشري: منعك نصرة، وغيرهما: امتحنتم. والتقادير متقاربة. وحذفُ جواب الشرط لفهم المعنى جائز لقوله تعالى: {فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية} تقديره فافعل ويظهر أن الجواب المحذوف غير ما قدروه وهو: انقسمتم إلى قسمين. ويدل عليه ما بعده، وهو نظير: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} التقدير: انقسموا قسمين: فمنهم مقتصد لا يقال: كيف، يقال: انقسموا فيمن فشل وتنازع، وعصى. لأن هذه الأفعال لم تصدر من كلبهم، بل من بعضهم كما ذكرناه في أول الكلام على هذه الآية.