{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله} وأن تموت في موضع اسم كان، ولنفس هو في موضع الخبر، فيتعلق بمحذوف. وجعل بعضهم كان رائدة. فيكون أن تموت في موضع مبتدأ، ولنفس في موضع خبره. وقدره الزجاج على المعنى فقال: وما كانت نفس لتموت، فجعل ما كان اسماً خبراً، وما كان خبراً اسماً، ولا يريد بذلك الإعراب، إنّما فسر من جهة المعنى. وقال أبو البقاء: اللام في: لنفس، للتبيين متعلقة بكان انتهى. وهذا لا يتم إلا أن كانت تامة. وقول من قال: هي متعلقة بمحذوف تقديره: وما كان الموت لنفس وإن تموت، تبيين للمحذوف مرغوب عنه، لأن اسم كان إن كانت ناقصة أو الفاعل إن كانت تامة لا يجوز حذفه، ولما في حذفه أنْ لو جاز من حذف المصدر وإبقاء معموله، وهو لا يجوز على مذهب البصريين.
{كِتَباً مُّؤَجَّلاً} أي له أجل لا يتقدم ولا يتأخر وفي هذا رد على المعتزلة في قولهم بالأجلينْ والكتابة هنا عبارة عن القضاء، وقيل: مكتوباً في اللوح المحفوظ مبيناً فيه. ويحتمل هذا الكلام أن يكون جواباً لقولهم: لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. وانتصاب كتاباً على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة والتقدير: كتب الله كتاباً مؤجلاً ونظيره: {كتاب الله عليكم صنع الله ووعد الله} . وقيل: هو منصوب على الإغراء، أي الزمور وآمنوا بالقدر وهذا بعيد. وقال ابن عطية: كتاباً نصب على التمييز، وهذا لا يظهر فإن التمييز كما قسمه النحاة ينقسم إلى منقول وغير منقول، وأقسامه في النوعين محصورة، وليس هذا واحداً منها.