مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الأٌّخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} .

كائن: كلمة يكثر بها بمعنى كم الخبرية. وقلَّ الاستفهام بها. والكاف للتشبيه، دخلت على أي وزال معنى التشبيه، هذا مذهب سيبويه والخليل، والوقف على قولهما بغير تنوين. وزعم أبو الفتح: أنّ أيا وزنه فعل، وهو مصدر أوى يأوى إذا انضم واجتمع، أصله: أوى عمل فيه ما عمل في طي مصدر طوي. وهذا كله دعوى لا يقوم دليل على شيء منها. والذي يظهر أنه اسم مبني بسيط لا تركيب فيه، يأتي للتكثير مثل كم، وفيه لغات: الأولى وهي التي تقدمت. وكائن ومن ادعى أن هذه اسم فاعل من كان فقوله بعيد. وكلئن على وزن كعن، وكأين وكيين، ويوقف عليها بالنون. وأكثر ما يجيء تمييزها مصحوباً بمن. ووهم ابن عصفور في قوله: إنه يلزمه مِنْ، وإذا حذفت انتصب التمييز سواء أولها أم لم يليها، نحو قول الشاعر:

أطرد اليأس بالرجاء فكاين

آلماً عم يسره بعد عسر

وقول الآخر:

وكائن لنا فضلاً عليكم ونعمة

قديماً ولا تدرون ما من منعم

{أَمْ حَسِبْتُمْ} وأمْ هنا منقطعة في قول الأكثرين تتقدر ببل، والهمزة على ما قرر في النحو. وقيل: هي بمعنى الهمزة. وقيل: أم متصلة. قال ابن بحر: هي عديلة همزة تتقدر من معنى ما تتقدم، وذلك أنَّ قوله: {أن يمسسكم قرح وتلك الأيام نداولها} إلى آخر القصة يقتضي أن يتبع ذلك: أتعلمون أن التكاليف يوجب ذلك، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير اختبار وتحمل مشقة وأن تجاهدوا فيعلم الله ذلك منكم واقعاً. انتهى كلامه. وتقدّم لنا إبطال مثل هذا القول. وهذا الاستفهام الذي تضمنته معناه الإنكار والإضراب الذي تضمنته أيضاً هو ترك لما قبله من غير إبطال وأخذ فيما بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015