{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ} وإلاّ بشرى مستثنى من المفعول له، أي: ما جعله الله لشيء إلا بشرى لكم. فهو استثناء فرغ له العامل، وبشرى مفعول من أجله. وشروط نصبه موجودة وهو: أنه مصد ومتحد الفاعل والزمان. ولتطمئن معطوف على موضع بشرى، إذ أصله لبشرى. ولما اختلف الفاعل في ولتطمئن، أتى باللام إذ فات شرط اتحاد الفاعل، لأن فاعل بشرى هو الله، وفاعل تطمئن هو قلوبكم. وتطمئن منصوب بإضمار أن بعد لام كي، فهو من عطف الإسم على توهم. موضع اسم آخر، وجعل على هذا التقدير متعدية إلى واحد.
وقال الحوفي: إلا بشرى في موضع نصب على البدل من الهاء، وهي عائدة على الوعد بالمدد. وقيل: بشرى مفعول ثان لجعله الله. فعلي هذين القولين تتعلق اللام في لتطمئن بمحذوف، إذ ليس قبله عطف يعذف عليها. قالوا: تقديره ولتطمئن قلوبكم به بشركم. وبشرى: فعلى مصدر كرجعى، وهو مصدر من بشر الثلاثي المجرد، والهاء في به تعود على ما عادت عليه في جعله على الخلاف المتقدم.
وقال ابن عطية: اللام في ولتطمئن متعلقة تفعل مضمر بدل عيه جعله. ومعنى الآية: وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به، وتطمئن به قلوبكم انتهى. وكأنه رأى أنه لا يمكن عنده أن يعطف ولتطمئن على بشرى على الموضع، لأن من شرط العطف على الوضع ـ عند أصحابنا ـ أن يكون ثم محرر للموضع، ولا محرز هنا، لأن عامل الجر مفقود. ومن لم يشترط المحرز فيجوز ذلك على مذهبه، وإن لا فيكون من باب العطف على التوهم كما ذكرناه أولاً.