وتبوىء جملة حالية من ضمير المخاطب. فقيل: هي حال مقدرة، أي خرجت قاصد التبوئة، لأن وقت الغودِّو لم يكن وقت التبوئة. وقرأ الجمهور تبوىء من بوّأ. وقرأ عبد الله: تبوِّىء من أبوأ، عداه الجمهور بالتضعيف، وعبد الله بالهمزة. وقرأ يحيى بن وثاب: تبوى بوزن تحيا، عداه بالهمزة، وسهل لام الفعل بإبدال الهمزة ياء نحو: يقرى في يقرىء. وقرأ عبد الله: للمؤمنين بلام الجر على معنى: ترتب وتهيىء. ويظهر أنَّ الأصل تعديته لواحد بنفسه، وللآخر باللام لأن ثلاثيه لا يتعدى بنفسه، إنما يتعدى بحرف جر.

وقرأ الأشهب: مقاعد القتال على الإضافة، وانتصاب مقاعد على أنه مفعول ثان لتبوى. ومَنْ قرأ للمؤمنين كان مفعولاً لتبوىء، وعداه باللام كما في قوله: {واذبوا أنا لابراهيم مكان البيت} وقيل: اللام في لابراهيم زائدة، واللام في للقتال لام العلة تتعلق بتبوىء. وقيل: في موضع الصفة لمقاعد.

وقال الزمخشري: وقد اتسع في قعد وقام حتى أجريا مجرى صار انتهى. أمّا إجراء قعد مجرى صار فقال أصحابنا: إنما جاء في لفظة واحدة وهي شاذة لا تتعدى، وهي في قولهم: شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة، أي صارت. وقد نقد على الزمخشري تخريج قوله تعالى: {فتقعد ملوماً} على أن معناه: فتصير، لأن ذلك عند النحويين لا يطرد. وفي اليواقيت لأبي عمر الزاهد قال ابن الأعرابي: القعد الصيرورة، والعرب تقول: قعد فلان أميراً بعدما كان مأموراً أي صار. وأمّا إجراء قام مجرى صار فلا أعلم أحداً عدّها في أخوات كان، ولا ذكر أنها تأتي بمعنى صار، ولا ذكر لها خبراً إلا أبا عبد الله بن هشام الحضراوي فإنه قال في قول الشاعر:

على ما قام يشتمني لئيم

إنها من أفعال المقاربة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015