{هَآأَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَبِ كُلِّهِ} تقدّم لنا الكلام على نظيرها، أنتم أولاء في قوله: {هاأنتم هؤلاء حاججتم} قراءة وإعراباً. وتلخيصه هنا أن يكونَ أولاء خبراً عن أنتم، وتحبونهم مستأنف أو حال أو صلة، على أن يكون أولاء موصولاً أو خبراً لأنتم، وأولاء مناداً، أو يكون أولاء مبتدأ ثانياً، وتحبونهم خبر عنه، والجملة خبر عن الأوّل. أو يكون أولاء في موضع نصب نحو: أنا زيداً ضربته، فيكون من الاشتغال. واسم الإشارة في هذين الوجهين واقع على غير ما وقع عليه أنتم، لأن أنتم خطاب للمؤمنين، وأولاء إشارة إلى الكافرين. وفي الأوجه السابقة مدلوله ومدلول أنتم واحد. وهو: المؤمنون. وعلى تقدير الاستئناف في تحبونهم، لا ينعقد مما قبله مبتدأ وخبر إلا بإضمار وصفٍ تقديره: أنتم أولاء الخاطئون في موالاة غير المؤمنين إذ تحبونهم ولا يحبونكم.

والواو في وتؤمنون للعطف على تحبونهم، فلها من الإعراب ما لها. وقال الزمخشري: والواو في وتؤمنون للحال، وانتصابها من لا يحبونكم أي لا يحبونكم. والحال: إنكم تؤمنون بكتابهم كله، وهم مع ذلك يبغضونكم، فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بشيء من كتابكم؟ وفيه توبيخ شديد بأنهم في باطلهم أصل منكم في حقكم ونحوه. فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون انتهى كلامه وهو حسن. إلا أنه فيه من الصناعة النحوية ما يخدشه، وهو: أنه جعل الواو في وتؤمنون للحال، وأنها منتصبة من لا يحبونكم. والمضارعُ المثبت إذا وقع حالاً لا تدخل عليه واوٍ الحال تقول: جاء زيد يضحك، ولا يجوز ويضحك. فأما قولهم: قمت وأصك عينه ففي غاية الشذوذ. وقد أوَّل على إضمار مبتدأ أي قمت وأنا أصك عينه، فتصير الجملة اسمية. ويحتمل هذا التأويل هنا، أي: ولا يحبونكم وأنتم تؤمنون بالكتاب كلِّه، لكن الأولى ما ذكرناه من كونها للعطف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015