يريد: يكبر وقول الآخر:
لما اتقى بيد عظيم جرمها
فتركت ضاحي جلدها بتذبذب
يريد: تركت. وقال زهير:
أراني إذا ما بت بتّ على هوى
فثم إذا أصبحت أصبحت غادياً
يريد ثم. وقول الأخفش: وزعموا أنهم يقولون أخوك، فوجد يريدون أخوك وجد. والوجه الثاني: أن تكون الفاء تفسيرية، وتقدم الكلام فيقال لهم: ما يسوؤهم، فالم تكن آياتي، ثم اعتنى بهمزة الاستفهام فتقدمت على الفاء التفسيرية، كما تقدم على الفاء التي للتعقيب في نحو قوله: {أفلم يسيروا في الأرض} وهذا على مذهب من يثبت أن الفاء تكون تفسيرية نحو: توضأ زيد فغسل وجهه ويديه إلى آخر أفعال الوضوء. فالفاء هنا ليست مرتبة، وإنما هي مفسرة للوضوء. كذلك تكون في {أفلم تكن آياتي تتلى عليكم} مفسرة للقول الذي يسوؤهم وقول هذا الرجل. فلما بطل هذا يعني ـ أن يكون الجواب فذوقوا ـ أي تعين بطلان حذف ما قدره النحويون من قوله، فيقال لهم لوجود هذا الفاء في أفلم تكن، وقد بينا أن ذلك التقدير لم يبطل، وأنه سواء في الآيتين. وإذا كان كذلك فجواب أمّا هو، فيقال في الموضعين، ومعنى الكلام عليه. وأمّا تقديره: أأهملتكم، فلم تكن آياتي، فهذه نزعة زمخشرية، وذلك أن الزمخشري يقدر بين همزة الاستفهام وبين الفاء فعلاً يصح عطف ما بعدها عليه، ولا يعتقد أن الفاء والواو وثم إذا دخلت عليها الهمزة أصلهن التقديم على الهمزة، لكنْ اعتنى بالاستفهام، فقدم على حروف العطف كما ذهب إليه سيبويه وغيره من النحويين. وقد رجع الزمخشري أخيراً إلى مذهب الجماعة في ذلك، وبطلان قوله الأول مذكور في النحو. وقد تقدم في هذا الكتاب حكاية مذهبه في ذلك. وعلى تقدير قول هذا الرجل: أأهملتكم، فلا بدّ من إضمار القول وتقديره، فيقال: أأهملتكم لأن هذا المقدر هو خبر المبتدأ، والفاء جواب أما. وهو الذي يدل عليه الكلام، ويقتضيه ضرورة. وقول هذا الرّجل: فوقع ذلك جواباً له، ولقوله: أكفرتم، يعني أنْ فذوقوا العذاب جواب لأمّا، ولقوله: