{نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ} قال أبو البقاء: مِن متعلقة بحرم، يعني في قوله: إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه. ويبعد ذلك، إذْ هو من الاخبار بالواضح، لأنه معلوم أنّ ما حرم إسرائيل على نفسه هو من قبل إنزال التوراة ضرورة لتباعد ما بين وجود إسرائيل وإنزال التوراة. ويظهر أنه متعلق بقوله: كان حلاً لبني إسرائيل، أي من قبل أن تنزل التوراة، وفَصَلَ بالاستثناء إذ هو فصل جائز وذلك على مذهب الكسائي وأبي الحسن: في جواز أن، يعمل ما قبل إلاّ فيما بعدها إذا كان ظرفاً أو مجروراً أو حالاً نحو: ما حبس إلا زيد عندك، وما أوى إلا عمر وإليك، وما جاء إلا زيد ضاحكاً. وأجاز الكسائي ذلك في منصوب مطلقاً نحو: ما ضرب إلا زيد عمراً وأجاز هو وابنُ الأنباري ذلك في مرفوع نحو: ما ضرب إلا زيداً عمرو، وأما تخريجه على مذهب غير الكسائي وأبي الحسن فيقدر له عامل من جنس ما قبله تقديره هنا: حل من قبل أن تنزل التوراة.

{فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ} والأظهر في من أنها شرطية، ويجوز أن تكون موصولة. وجمع في فأولئك حملاً على المعنى. وهم: يحتمل أن تكون فصلاً، ومبتدأً، وبدلاً.

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَلَمِينَ} وللناس متعلق بوضع، واللام فيه للتعليل، وللذي ببكة خبر إنّ. والنعنى: للبيت الذي ببكة. وأكدت النسبة بتأكيدين: إنّ واللام. وأخبر هنا عن النكرة وهو أول بيت لتخصصها بالإضافة، وبالصفة التي هي وضع إمالها، وإمّا لما أضيفت إليه. إذْ تخصيصه تخصيصٌ لها بالمعرفة وهو للذي ببكة، لأن المقصود الإخبار عن أول بيت وضع للناس، ويحسن الإخبار عن النكرة بالمعرفة دخول إنّ. ومن أمثلة سيبويه: أنّ قريباً منك زيد. تخصص قريب بلفظ منك، فحسن الإخبار عنه. وقد جاء بغير تخصيص وهو جائز في الاختيار قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015