{وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} قرأ ابن أبي عبلة: لو افتدى به، دون واو، و: لو، هنا هي بمعنى: إن، الشرطية لا: لو، التي هي لما كان سيقع لوقوع غيره، لأن: لو، هنا معلقة بالمستقبل، وهو: فلن يقبل، وتلك معلقة بالماضي. فأما قراءة ابن أبي عبلة فإنه جعل الافتداء شرطاً في عدم القبول فلم يتعمم نفي وجود القبول، وأما قراءة الجمهور بالواو، فقيل: الواو زائدة، وهو ضعيف، ويكون المعنى إذ ذاك معنى قراءة ابن أبي عبلة. وقيل: ليست بزائدة.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يراد: ولو افتدى بمثله، لقوله: {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه} والمثل يحذف كثيراً في كلامهم، كقولك: ضربت ضرب زيد، تريد: مثل ضربه، وأبو يوسف أبو حنيفة، تريد: مثله.
ولا هيثم الليلة للمطي
و: قضية ولا أبا حسن لها تريد: ولا هيثم، و: لا مثل أبي حسن، كما أنه يراد في نحو قولهم: مثلك لا يفعل كذا، تريد: أنت: وذلك أن المثلين يسد أحدهما مسد الآخر، فكانا في حكم شيء واحد. انتهى كلامه.
ولا حاجة إلى تقدير: مثل، في قوله {ولو افتدى به} وكان الزمخشري تخيل أن ما نفي أن يقبل لا يمكن أن يفتدى به، فاحتاج إلى إضمار: مثل، حتى يغاير بينب ما نفي قبوله وبين ما يفتدى به، وليس كذلك، لأن ذلك كما ذكرناه هو على سبيل الفرض، والتقدير: إذ لا يمكن عادة أن أحداً يملك ملء الأرض ذهباً بحيث لو بذلفه على أي جهة بذله لم يقبل منه، بل لو كان ذلك ممكناً لم يحتج إلى تقدير مثل، لأنه نفي قبوله حتى في حالة الافتداء، وليس ما قدر في الآية نظير ما مثل به، لأن هذا التقدير لا يحتاج إليه، ولا معنى له، ولا في الفظ ولا المعنى ما يدل عليه، فلا يقدر. وأما فيما مثل به من: ضربت ضرب زيد، وأبو يوسف أبو حنيفة، فبضرورة العقل نعلم أنه لا بد من تقدير: مثل، إذ ضربك يستبحيل أن يكون ضرب زيد، وذات أبي يوسف يستحيل أن تكون ذات أبي حنيفة. وأما:
لا هيثم الليلة للمطي.