وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وأبو رجاء، وقتادة، والضحاك، وأبو حيوة، ويعقوب، وسهل، وحميد ابن قيس، والمفضل عن عاصم: تقية على وزن مطية وجنية، وهو مصدر على وزن: فعيلة، وهو قليل نحو: النميمة. وكونه من افتعل نادر.

{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا} اختلف في العامل في: يوم، فقال الزجاج: العامل فيه: ويحذركم، ورجحه. وقال أيضاً: العامل فيه: المصير. وقال مكي بن أبي طالب: العامل فيه: قدير، وقال أيضاً: فيه مضمر تقديره اذكر. وقال ابن جرير: تقديره: اتقوا، ويضعف نصبه بقوله: ويحذركم، لطول الفصل. هذا من جهة اللفظ، وأما من جهة المعنى فلأن التحذير موجود، واليوم موعود، فلا يصح له العمل فيه، ويضعف انتصابه: بالمصير، للفصل بين المصدر ومعموله، ويضعف نصبه: بقدير، لأن قدرته على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم، بل هو تعالى متصف بالقدرة دائماً. وأما نصبه باضمار فعل، فالإضمار على خلاف الأصل.

وقال الزمخشري: {يوم تجد} منصوب: بتود، والضمير في: بينه، ليوم القيامة، حين تجد كل نفس خيرها وشرها حاضرين تتمنى لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمداً بعيداً. إنتهى هذا التخريج.

والظاهر في بادىء النظر حسنه وترجيحه، إذ يظهر أنه ليس فيه شيء من مضعفات الأقوال السابقة، لكن في جواز هذه المسألة ونظائرها خلاف بين النحويين، وهي: إذا كان الفاعل ضميراً عائداً على شيء اتصل بالمعمول للفعل، نحو: غلام هند ضربت، وثوبي أخويك يلبسان، ومال زيد أخذ، فذهب الكسائي، وهشام، وجمهور البصريين: إلى جوزاز هذه المسائل. ومنها الآية على تخريج الزمخشري، لأن الفاعل: بتودّ، هو ضمير عائد على شيء اتصل بمعمول: تودّ، وهو: يوم، لأن: يوم، مضاف إلى: تجد كل نفس، والتقدير: يوم وجدان كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوؤ تودّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015