وقال الزمخشري: وقرئتا مفتوحتين على أن الثاني بدل من الأول، كأنه قيل: شهد الله أن الدين عند الله الإسلام، والبدل هو المبدل منه في المعنى، فكان بياناً صريحاً، لأن دين الإسلام هو التوحيد والعدل. إنتهى. وهذا نقل كلام أبي علي دون استيفاء.
وأما قراءة ابن عباس فخرج على {أن الدّين عند الله الإسلام} هو معمول: شهد، ويكون في الكلام اعتراضان: أحدهما: بين المعطوف عليه والمعطوف وهو {أنه لا إله إلا هو} والثاني: بين المعطوف والحال وبين المفعول لشهد وهو {لا إله إلا هو العزيز الحكيم} وإذا أعربنا: العزيز، خبر مبتدأ محذوف، كان ذلك ثلاث اعتراضات، فانظر إلى هذه التوجيهات البعيدة التي لا يقدر أحد على أن يأتي لها بنظير من كلام العرب، وإنما حمل على ذلك العجمة، وعدم الإمعان في تراكيب كلام العرب، وحفظ أشعارها.
وكما أشرنا إليه في خطبة هذا الكتبا: أنه لا يكفي النحو وحده في علم الفصيح من كلام العرب، بل لا بدّ من الأطلاع على كحلام العرب، والتطبع بطباعها، والاستكثار من ذكل، والذي خرجت عليه قراءة: أن الدّين، بالفتح هو أن يكون الكلام في موضع المعمول: للحكيم، على إسقاط حرف الجر، أي: بأن، لأن الحكيم فعيل للمبالغة: كالعليم والسميع والخبير، كما قال تعالى {من لدن حكيم خبير} وقال {من لدن حكيم عليم} والتقدير: لا إله إلا هو العزيز الحاكم أن الدّين عند الله الإسلام.
فإن قلت: لم حملت الحكيم على أنه محول من فاعل إلى فعيل للمبالغة، وهلا جعلته فعيلاً بمعنى مفعل، فيكون معناه المللهحكم، كما قالوا في: أليم، إنه بمعنى مؤلم، وفي سميع من قول الشاعر:
أمن ريحانة الداعي السميع
أي المسمع؟