{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَلُهُمْ وَلاَ أَوْلدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا} وقرأ أبو عبد الرحمن: لن يغني، بالياء على تذكير العلامة. وقرأ علي: لن يغني، بسكون الياء. وقرأ الحسن: لن يغني بالياء أولاً وبالياء منالساكنة آخراً، وذلك لاستثقال الحركة في حرف اللين، وإجراء المنصوب مجرى المرفوع. وبعض النحويين يخص هذا بالضرورة، وينبغي أن لا يخص بها، إذ كثر ذلكح في كلامهم.
و: من، لابتداء الغاية عند المرد، وبمعنى: عند، قاله أبو بعيدة، وجعله كقوله تعالى: {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} قال: معناه عند جوع وعند خوف، وكون: من، بمعنى: عند، ضعيف جداً.
وقال الزمشخري: قوله: من الله، مثله في قوله: {ان الظنّ لا يغني من الحق شيئاً} والمعنى: لن تغني عنهم من رحمة الله، أو من طاعة الله شيئاً، أي: بدل رحمته وطاعته، وبدل الحق. ومنه: ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد أي: لا ينفعه جدّه وحظه من الدنيا بذلك، أي: بدل طاعتك وعبادتك. وما عندك. وف معناه قوله تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرّبكم عندنا زلفى} إنتهى كلامه.
وإثبات البدلية: لمن، فيه خلاف أصحابنا ينكرونه، وغيرهم قد أثبته، وزعم أنها تأتي بمعنى البدل. واستدل بقوله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} {لجعلنا منكم ملائكة} أي: بدل الآخرة وبدلكم. وقال الشاعر:
أخذوا المخاض من الفصيل غلبة
ظلماً ويكتب للأميلا إفيلا أي بدل الفصيل، وشيئاً ينتصب على أنه مصدر، كما تقول ضربت شيئاً من الضرب، ويحتمل أن ينتصب على المفعول به، لأن معنى: لن تغني، لن تدفع أو تمنع، فعلى هذا يجوز أن يكون: من، في موضع الحال من شيئاً، لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لها، فلما تقدّم انتصب على الحال. وتكون: من إذ ذاك للتبعيض.