قلت: الدليل على أن الحركة ليست الملاقاة الساكن أنهم كان يمكنهم أن يقولوا: واحد اثنان، بسكون الدال مع طرح الهمزة، فجمعوا بين ساكنين، كما قالوا: أصيم ومديق، فلما حركوا الدال علم أن حركتها هي حركة الهمزة الساقطة لا غير، وليست لالتقائ الساكنين. إنتهى هذا السؤال وجوابه. وفي سؤاله تعمية في قوله: فإن قلت: إنما لم يحركوا لالتقاء الساكنين؟ ويعني بالساكنين: الياء والميم في سيم، وحيئذ يجيء التعليل بقوله: لأنهم أرادوا الوقف وأمكنهم النطق بساكنين، يعني الياء والميم، ثم قال: فإن جاء بساكن ثالث، يعني لام التعريف، لم يمكن إلاَّ التحريك، يعني في الميم، فحركوا يعني: الميم لالتقائها ساكنة مع لام التعريف، إذ لو لم يحركوا لآجتمع ثلاث سواكن، وهو لا يمكن. هذا شرح السؤال.
وأما جواب الزمخشري عن سؤاله، فلا يطابق، لأنه استدل على أن الحركة ليست لملاقاة ساكن بامكانية الجمع بين ساكنين في قولهم: واحد اثنان، بأن يسكنوا الدال، والثاء ساكنة، وتسقط الهمزة. فعدلوا عن هذا الإمكان إلى نقل حركة الهمزة إلى الدال، وهذه مكابرة في المحسوس، لا يمكن ذلك أصلاً، ولا هو في قدرة البشر أن يجمعوا في النطق بين سكون الدال وسكون الثاء، وطرح الهمزة.
وأما قوله: فجمعوا بين ساكنين، فلا يمكن الجمع كما قلناه، وأما قوله: كما قالوا: أصيم ومديق، فهذا ممكن كما هو في: راد وضال، لأن في ذلك التقاء الساكنين على حدّهما المشروط في النحو، فأمكن النطق به، وليس مثل: واحد اثنان. لأن الساكن الأول ليس حرف علة، ولا الثاء في مدغم، فلا يمكن الجمع بينهما.