{غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} وانتصاب: غفرانك، على المصدر، وهو من المصادر التي يعمل فيها الفعل مضمراً، التقدير عند سيبويه: إغفر لنا غفرانك، قال السجاوندي: ونسبه ابن عطية للزجاج، وقال الزمخشري: غفرانك منصوب بإضمار فعله، يقال: غفرانك لا كفرانك، أي: نستغفرك ولا نكفرك. فعلى التقدير الأول: الجملة طلبية، وعلى الثاني: خبرية.

واضطرب قول ابن عصفور فيه، فمرة قال: هو منصوب بفعل يجوز إظهاره، ومرة قال: هو منصوب يلتزم إضماره. وعدّه مع: سبحان الله، وأخواتها. وأجاز بعضهم انتصابه على المفعول به، أي: نطلب، أو: نسأل غفرانك. وجوّز بعضهم الرفع فيه على أن يكون مبتدأ، أي: غفرانك بغيتنا.

{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ظاهره أنه استئناف.

وانتصابه على أنه مفعول ثان ليكلف. وقال ابن عطية: يكلف، يتعدّى إلى مفعولين. أحدهما محذوف تقديره: عبادة أو شيئاً. انتهى. فإن عنى أن أصله كذا، فهو صحيح، لأن قوله: إلاَّ وسعها، استثناء مفرغ من المفعول الثاني، وإن عنى أنه محذوف في الصناعة، فليس كذلك. بل الثاني هو وسعها، نحو: ما أعطيت زيداً إلاَّ درهماً، ونحو: ما ضربت إلاَّ زيداً. هذا في الصناعة هو المفعول، وإن كان أصله: ما أعطيت زيداً شيئاً إلاَّ درهماً. و: ما ضربت أحداً إلاَّ زيداً.

وقرأ ابن أبي عبلة: {إلاَّ وسعها} جعله فعلاً ماضياً. وأولوه على إضمار: ما، الموصولة، وعلى هذا يكون الموصول المفعول الثاني ليكلف، كما أن وسعها في قراءة الجمهور هو المفعول الثاني، وفيه ضعف من حيث حذف الموصول دون أن يدل عليه موصول آخر يقابله، كقول حسان:

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015