وهذا لا يتم إلاَّ على اعتقاد أن الضمير في: يكونا، عائد على: شهيدين، بوصف الرجولية، وتكون: كان، تامّة، ويكون: رجلين، منصوباً على الحال المؤكد، كقوله: {فإن كانتا اثنتين} (النساء: 176) على أحسن الوجهين.
{فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} ارتفاع رجل على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: فالشاهد، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: فرجل وامرأتان يشهدون، أو: فاعل، أي فليشهد رجل، أو: مفعول لم يسم فاعله، أي فليستشهد، وقيل: المحذوف فليكن، وجوّز أن تكون تامّة، فيكون رجل فاعلاً، وأن تكون ناقصة، ويكون خبرها محذوفاً وقد ذكرنا أن أصحابنا لا يجيزون حذف خبر كان لا اقتصاراً ولا اختصاراً. وقرىء شاذاً: وامرأتان، بهمزة ساكنة، وهو على غير قياس، ويمكن أن سكنها تخفيفاً لكثرة توالي الحركات وجاء نظير تخفيف هذه الهمزة في قول الشاعر:
يقولون جهلاً ليس للشيخ عيّل
لعمري لقد أعيَلتُ وأن رقوبُ {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ} قيل: هذا في موضع الصفة لقوله: {فرجل وامرأتان} وقيل: هو بدل من قوله: رجالكم، على تكرير العامل، وهما ضعيفان، لأن الوصف يشعر باختصاصه بالموصوف، فيكون قد انتفى هذا الوصف عن شهيدين، ولأن البدل يؤذن بالاختصاص بالشهيدين الرجلين، فعري عنه: رجل وامرأتان، والذي يظهر أنه متعلق بقوله: واستشهدوا.
{أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاٍّخْرَى} قرأ الأعمش، وحمزة: إن تضل بكسر الهمزة، جعلها حرف شرط، فتذكر، بالتشديد ورفع الراء وجعله جواب الشرط.