{لاَ يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ويحتمل أن تكون هذه الجملة حالاً، وأن تكون مستأنفة. ومن جوز الحال في هذه الجمل وذو الحال واحد، إنما هو على مذهب من يجيز تعدد الحال لذي حالٍ، وهي مسألة خلاف وتفصيل مذكور في علم النحو.
وجوزوا في إعراب: إلحافاً أن يكون مفعولاً من أجله، وأن يكون مصدراً لفعل محذوف دل عليه: يسألون، فكأنه قال: لا يلحفون. وأن يكون مصدراً في موضع الحال تقديره: لا يسألون ملحفين.
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُمْ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُم عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} .
والباء في: بالليل، ظرفية، وانتصاب: سراً وعلانية، على أنهما مصدران في موضع الحال أي: مسرين ومعلنين، أو: على أنهما حالان من ضمير الإنفاق على مذهب سيبويه، أو: نعتان لمصدر محذوف أي: إنفاقاً سراً، على مشهور الإعراب في: قمت طويلاً، أي قياماً طويلاً.
{فَلَهُمْ أَجْرُهُم عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} تقدّم تفسير بهذا فلا نعيده، ودخلت: الفاء في فلهم، لتضمن الموصول معنى اسم الشرط لعمومه.
قال ابن عطية: وإنما يوجد الشبه، يعني بين الموصول واسم الشرط، إذا كان: الذي، موصولاً بفعل، وإذا لم يدخل على: الذي، عامل يغير معناه. إنتهى. فحصر الشبه فيما إذا كان: الذي، موصولاً بفعل، وهذا كلام غير محرر، إذ ما ذكر له قيود.
أولها: أن ذلك لا يختص بالذي بل كل موصول غير الألف واللام حكمه في ذلك حكم الذي بلا خلاف، وفي الألف واللام خلاف، ومذهب سيبويه المنع من دخول الفاء.