{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} . قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، بفتح السين حيث وقع، وهو القياس، لأن ماضيه على فَعِلَ بكسر العين. وقرأ باقي السبعة بكسرها، وهو مسموع في ألفاظ، منها: عمد يعمد ويعمد، وقد ذكرها النحويون، والفتح في السين لغة تميم، والكسر لغة الحجاز، والمعنى: أنهم لفرط انقباضهم، وترك المسألة، واعتماد التوكل على الله تعالى، يحسبهم من جَهِلَ أحوالهم أغنياء، و: من، سببية، أي الحامل على حسبانهم أغنياء هو تعففهم، لأن عادة من كان غني مال أن يتعفف، ولا يسأل، ويتعلق، بيحسبهم وجر المفعول له هناك بحرف السبب، لانخرام شرط من شروط المفعول له من أجله وهو اتحاد الفاعل، لأن فاعل يحسب هو: الجاهل، وفاعل التعفف هو: الفقراء. وهذا الشرط هو على الأصح، ولو لم يكن هذا الشرط منخرماً لكان الجر بحرف السبب أحسن في هذا المفعول له، لأنه معرف بالألف واللام، وإذا كان كذلك فالأكثر في لسان العرب أن يدخل عليه حرف السبب، وإن كان يجوز نصبه، لكنه قليل كما أنشدوا:
لا أقعد الجبن عن الهيجاء