تثبيت عيسى ونصراً كالذي نصروا} وإذا كان التثبيت مسنداً إليهم كانت: من، في موضع نصب متعلقة بنفس المصدر، وتكون للتبعيض، مثلها في: هزّ من عطفه، و: حرك من نشاطه، وإن كان التثبيت مسنداً في المعنى إلى أنفسهم كانت: من، في موضع نصب أيضاً صفة للمصدر تقديره: كائناً من أنفسهم.

قال الزمخشري: فإن قلت: فما معنى التبعيض؟

قلت: معناه أن من بذل ماله لوجه الله فقد ثبت بعض نفسه، ومن بذل ماله وروحه معاً فهو الذي ثبتها كلها {وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم} (الصف: 11) إنتهى.

وقرأ عاصم الجحدري {كمثل حبة} بالحاء والباء في: بربوة، ظرفية، وهي في موضع الصفة فتتعلق بمحذوف.

{أَصَابَهَا وَابِلٌ} جملة في موضع الصفة لجنة، وبدىء بالوصف بالمجرور، ثم بالوصف بالجملة، وهذا الأكثر في لسان العرب، وبدىء بالوصف الثابت، وهو: كونها بربوة، ثم بالوصف العارض، وهو {أصابها وابل} وجاء في وصف صفوان قوله: عليه تراب، ثم عطف عليه بالفاء، وهنا لم يعطف، بل أخرج صفة، وينظر ما الفرق بين الموضعين، وجوَّز أن يكون: {أصابها وابل} حالاً من جنة، لأنها نكرة، وقد وصفت حالاً من الضمير في الجار والمجرور.

{فَأَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} آتت بمعنى: أعطت، والمفعول الأول محذوف، التقدير: فآتت صاحبها، أو: أهلها أكلها. كما حذف في قوله {كمثل جنة} أي: صاحب أو: غارس جنة، ولأن المقصود ذكر ما يثمر لا لمن تثمر، إذ هو معلوم، ونصب: ضعفين، على الحال، ومن زعم أن: ضعفين، مفعول ثان: لآتت، فهو ساه، وليس المعنى عليه، وكذلك قول من زعم أن آتت بمعنى أخرجت، وأنها تتعدى لواحد، إذ لا يعلم ذلك في لسان العرب، ونسبة الإيتاء إليها مجاز، والأكل بضم الهمزة الشيء المأكول، وأريد هنا الثمر، وإضافته إلى الجنة إضافة اختصاص، كسرج الدابة، إذ ليس الثمر مما تملكه الجنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015