و {رَبِّيَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ} ، مبتدأ وخبر، وفيه إشارة إلى أنه هو الذي أوجد الكافر ويحييه ويميته، كأنه قال: ربي الذي يحي ويميت هو متصرّف فيك وفي أشباهك بما لا تقدر عليه أنت ولا أشباهك من هذين الوصفين العظيمين المشاهدين للعالم اللذين لا ينفع فيهما حيل الحكماء ولا طب الأطباء، وفيه إشارة أيضاً إلى المبدأ والمعاد وفي قوله: {الذي يحي ويميت} دليل على الاختصاص لأنهم قد ذكروا أن الخبر، إذا كان بمثل هذا، دل على الاختصاص، فتقول: زيد الذي يصنع كذا، أي: المختص بالصنع.
{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} ومجيء الفاء في: فإن، يدل على جملة محذوفة قبلها، إذ لو كانت هي المحكية فقط لم تدخل الفاء، وكأن التركيب قال إبراهيم: إن الله يأتي بالشمس، وتقدير الجملة، والله أعلم؛ قال إبراهيم إن زعمت ذلك أو موهت بذلك، فإن الله يأتي بالشمس من المشرق، و: الباء، في بالشمس للتعدية، تقول: أتت الشمس، وأتى بها الله، أي أحياها، و: من، لابتداء الغاية.
{أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} وقرأ أبو سفيان بن حسين: أوَ كالذي، بفتح الواو، وهي حرف عطف دخل عليها ألف التقرير، والتقدير: وأرأيت مثل الذي؛ ومن قرأ: أو، بحرف العطف فجمهور المفسرين أنه معطوف على قوله: {ألم تر إلى الذي حاج} على المعنى، إذ معنى: ألم تر إلى الذي؟ أرأيت كالذي حاجّ؟ فعطف قوله: أو كالذي مر، على هذا المعنى، والعطف على المعنى موجود في لسان العرب قال الشاعر:
تقي نقي لم يكثر غنيمة
بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد المعنى في قوله: لم يكثر: ليس بمكثر: ولذلك راعى هذا المعنى فعطف عليه قوله: ولا بحقلد. وقال آخر:
أجدّك لن ترى بثعيلبات
أو لا ببيداء ناجية ذمولا ولا متدارك والليل طفل