و: تلك، مبتدأ وخبره: الرسل، و: فضلنا، جملة حالية، وذو الحال: الرسل، والعامل فيه إسم الإشارة. ويجوز أن يكون: الرسل، صفة لاسم الإشارة، أو عطف بيان، وأشار بتلك التي للبعيد لبعد ما بينهم من الأزمان وبين النبي صلى الله عليه وسلّم قيل: الإشارة إلى الرسل الذين ذكروا في هذه السورة، أو للرسل التي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم والأولى أن تكون إشارة إلى المرسلين في قوله: {وإنك لمن المرسلين} (البقرة: 252) ولا يلزم من ذلك علمه بأعيانهم، بل أخبر أنه من جملة المرسلين، وأن المرسلين فضل الله بعضهم على بعض، وأتى: بتلك، التي للواحدة المؤنثة، وإن كان المشار إليه جمعاً، لأنه جمع تكسير، وجمع التكسير حكمه حكم الواحدة المؤنثة في الوصف، وفي عود الضمير، وفي غير ذلك، وكان جمع تكسير هنا لاختصار اللفظ، ولإزالة قلق التكرار، لأنه لو جاء: أولئك المرسلون فضلنا، كان اللفظ فيه طول، وكان فيه التكرار. والالتفات في: نتلوها، وفي: فضلنا، لأنه خروج إلى متكلم من غائب، إذ قبله ذكر لفظ: الله، وهو لفظ غائب.
والتضعيف في: فضلنا، للتعدية، و: على بعض، متعلق بفضلنا، قيل: والتفضيل بالفضائل بعد الفرائض أو الشرائع على غير ذي الشرائع، أو بالخصائص كالكلام.
{مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} قرأ الجمهور بالتشديد ورفع الجلالة، والعائد على: من، محذوف تقديره من كلمه. وقرىء بنصب الجلالة والفاعل مستتر في: كلم، يعود على: من، ورفع الجلالة أتم في التفضيل من النصب، إذ الرفع يدل على الحضور والخطاب منه تعالى للمتكلم، والنصب يدل على الحضور دون الخطاب منه.