وجواب الشرط الذي هو: إن كتب عليكم القتال، محذوف للدلالة عليه، وتوسط الشرط بين أجزاء الدليل على حذفه، كما توسط في قوله: {وإنا إن شاء الله لمهتدون} (البقرة: 70) وخبر عسيتم: أن لا تقاتلوا، هذا على المشهور أنها تدخل على المبتدأ والخبر، فيكون: أن، زيدت في الخبر، إذ: عسى للتراخي، ومن ذهب إلى أن: عسى، يتعدّى إلى مفعول، جعل: أن لا تقاتلوا، هو المفعول، و: أن، مصدرية، والواو في: وما لنا، لربط هذا الكلام بما قبله، ولو حذف لجاز أن يكون منقطعاً عنه، وهو استفهام في اللفظ، وإنكار في المعنى، و: أن لا نقاتل، أي: في ترك القتال، حذف الجر المتعلق بما تعلق به: لنا، الواقع خبراً لما الاستفهامية إذ هي مبتدأ، و: أن لا نقاتل، في مضوع نصب، أو: في موضع جر على الخلاف الذي بين سيبويه والخليل و: ذهب أبو الحسن إلى أنَّ: أن، زائدة، وعملت النصب كما عمل باء الجر الزائد الجر، والجملة حال، أي: وما لنا غير مقاتلين، فيكون مثل قوله تعالى: ما لك لا تأمنا على يوسف} (يوسف: 11) ما لكم لا ترجون لله وقاراً} (نوح: 13) وما لكم لا تؤمنون بالله} (الحديد: 8) وكقول العرب: ما لك قائماً؟ وقال تعالى: فما لهم عن التذكرة معرضين} (المدثر: 49) وذهب قوم منهم ابن جرير إلى حذف الواو من: أن لا نقاتل، والتقدير: وما لنا ولأن لا نقاتل؟ قال: كما تقول: إياك أن تتكلم، بمعنى إياك وأن تتكلم، وهذا ومذهب أبي الحسن ليسا بشيء، لأن الزيادة والحذف على خلاف الأصل، ولا نذهب إليهما إلاَّ لضرورة، ولا ضرورة تدعو هنا إلى ذلك مع صحة المعنى في عدم الزيادة والحذف، وأما: إياك أن تتكلم، فليس على حذف حرف العطف، بل: إياك، مضمن معنى إحذر. فأن تتكلم في موضع نصب كأنه قيل: احذر التكلم، وقد أخرجنا جملة حالية: أنكروا ترك القتال، وقد التبسوا بهذه الحال من إخراجهم من ديارهم وأبنائهم، والقائل هذا لم يخرج، لكنه أخرج مثله، فكان ذلك إخراجاً له، ويمكن حمله على الظاهر، لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015