وقرأ الحسن: أو يعفو، بتسكين الواو، فتسقط في الوصل لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها، فإذا وقف أثبتها، وفعل ذلك استثقالاً للفتحة في حرف العلة، فتقدر الفتحة فيها كما تقدّر في الألف في نحو: لن يخشى، وأكثر العرب على استخفاف الفتحة في الواو والياء في نحو: لن يرمي ولن يغزو، وحتى أن أصحابنا نصوا على أن إسكان ذلك ضرورة، وقال:

فما سودتني عامر عن وراثة

أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب

قال ابن عطية: والذي عندي أنه استثقل الفتحة على واو متطرفة قبلها متحرك لقلة مجيئها في كلام العرب، وقد قال الخليل، رحمه الله: لم يجىء في الكلام واو مفتوحة متطرفة قبلها فتحة إلاَّ في قولهم: عفوة، وهو جمع: عفو، وهو ولد الحمار، وكذلك الحركة ما كانت قبل الواو مفتوحة، فإنها ثقيلة. إنتهى كلامه.

وقوله: لقلة مجيئها في كلام العرب، يعني مفتوحة مفتوحاً ما قبلها، هذا الذي ذكر فيه تفصيل، وذلك أن الحركة قبلها إما أن تكون ضمة أو فتحة أو كسرة، إن كانت ضمة فإما أن يكون ذلك في فعل أو اسم، إن كان في فعل فليس ذلك بقليل، بل جميع المضارع إذا دخل عليه الناصب، أو لحقه نون التوكيد، على ما أحكم في بابه، ظهرت الفتحة فيه نحو: لن يغزو، وهل يغزون، والأمر نحو: اغزون، وكذلك الماضي على فعل نحو: سَرَوَ الرجل، حتى ما بني من ذوات الباء على فعل تقول فيه: لقضوَ الرجل، ولرَموَتِ اليد، وهو قياس مطرد على ما أحكم في بابه؛ وإن كان في اسم فإما أن يكون مبنياً على هاء التأنيث، أو لا. إن كان مبنياً على هاء التأنيث فجاء كثيراً نحو: عرقوة، وترقوه، وقمحدوة، وعنصوة، وتبنى عليه المسائل في علم التصريف، وإن كانت الحركة فتحة فهو قليل، كما ذكره الخليل، وإن كانت كسرة انقلبت الواو فيه ياء، نحو الغازي، والغازية، والعريقية، وشذ من ذلك: أقروَه جمع قرو، وهي ميلغة الكلب، و: سواسوة وهم: المستوون في الشر، و: مقاتوة جمع مقتو، وهو السايس الخادم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015