قوله: ولا يجوز أن يكون استثناء منقطعاً من: سراً لأدائه إلى قوله: لا تواعدوهنّ إلاَّ التعريض، والتعريض ليس مواعداً، فلا يصح عنده أن ينصب عليها العامل، وهذا عنده على أن يكون منقطعاً نظير: ما رأيت أحداً إلاَّ حماراً. لكن هذا يصح فيه: ما رأيت إلاَّ حماراً، وذلك لا يصح فيه، لا تواعدوهنّ إلاَّ التعريض، لأن التعريض لا يكون مواعداً بل مواعداً به النكاح، فانتصاب: سراً، على أنه مفعول، فكذلك ينبغي أن يكون: أن تقولوا، مفعولاً، ولا يصح ذلك فيه، فلا يصح أن يكون استثناء منقطعاً. هذا توجيه منع الزمخشري أن يكون استثناء منقطعاً.

وما ذهب إليه ليس بصحيح لأنه لا ينحصر الاستثناء المنقطع فيما ذكر، وهو أن يمكن تلك العامل السابق عليه، وذلك أن الاستثناء المنقطع على قسمين:

أحدهما: ما ذكره الزمخشري، وهو: أن يتسلط العامل على ما بعد؛ إلاَّ، كما مثلنا به في قولك: ما رأيت أحداً إلاَّ حماراً. و: ما في الدار أحد إلاَّ حماراً.

وهذا النوع فيه خلاف عن العرب، فمذهب الحجازيين نصب هذا النوع من المستثنى، ومذهب بني تميم اتباعه لما قبله في الإعراب، ويصلح في هذا النوع أن تحذف الأول وتسلط ما قبله على ما بعد إلاَّ، فتقول: ما رأيت إلاَّ حماراً، وما في الدار إلاَّ حمار. ويصح في الكلام: {ما لهم به من علم إلاَّ اتباع الظن} (النساء: 157) .

والقسم الثاني: من قسمي الاستثناء المنقطع هو أن لا يمكن تسلط العامل على ما بعد إلاَّ، وهذا حكمه النصب عند العرب قاطبة، ومن ذلك: ما زاد إلاَّ ما نقص، وما نفع إلاَّ ما ضر. فما بعد إلاَّ لا يمكن أن يتسلط عليه زاد ولا نقص، بل يقدّر المعنى: ما زاد، لكن النقص حصل له، وما نفع لكن الضرر حصل، فاشترك هذا القسم مع الأوّل في تقدير إلاَّ بلكن، لكن الأوّل يمكن تسليط ما قبله عليه، وهذا لا يمكن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015