واللام: لام كي، فإن كان ضراراً حالاً تعلقت اللام به، أو: بلا تمسكوهن، وإن كان مفعولاً من أجله تعلقت اللام به، وكان علة للعلة، تقول: ضربت ابني تأديباً لينتفع، ولا يجوز أن يتعلق: بلا تمسكوهن، لأن الفعل لا يقضي من المفعول من أجله اثنين إلاَّ بالعطف، أو على البدل، ولا يمكن هنا البدل لأجل اختلاف الإعراب، ومن جعل اللام للعاقبة جوّز أن يتعلق: بلا تمسكوهن، فيكون الفعل قد تعدى إلى علة وإلى عاقبة، وهما مختلفان.
وانتصب: هزؤاً، على أنه مفعول ثانٍ: لتتخذوا، وتقول: هزأ به هزؤاً استخف.
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَبِ وَالْحِكْمَةِ} هذا أمر معطوف على أمر في المعنى، وهو: ولا تتخذوا آيات لله هزواً، والنعمة هنا ليست التاء فيها للوحدة، ولكنها بني عليها المصدر، ويريد: النعم الظاهرة والباطنة، وأجلها ما أنعم به من الإسلام ونبوّة محمد علية الصلاة والسلام.
و: {ما أنزل عليكم} ، معطوف على نعمة، وهو تخصيص بعد تعميم.
فإن أريد بالنعمة المنعم به فيكون: عليكم، في موضع الحال، فيتعلق بمحذوف، أي: كائنة عليكم، ويكون في ذلك تنبيه على أن نعمته تعالى منسحبة علينا، قد استعلت وتجللت وصارت كالظلة لنا، وإن أريد بالنعمة الإنعام فيكون: عليكم، متعلقاً بلفظ النعمة، ويكون إذ ذاك مصدراً من: أنعم، على غير قياس، كنبات من أنبت.
وعليكم، الثانية متعلقة بأنزل، و: من، في موضع الحال، أي: كائناً من الكتاب، ويكون حالاً من ما أنزل أو من الضمير العائد على الموصول المحذوف، إذ تقديره: وما أنزل عليكم. ومن أثبت لمن معنى البيان للجنس جوز ذلك هنا، كأنه قيل: وما أنزله عليكم الذي هو الكتاب والسنة.