{أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ} قال الزجاج، وتبعه التبريزي: أن تبروا، في موضع رفع بالابتداء، وقدر التبريزي خبر المبتدأ المحذوف بأن المعنى: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس خير لكم من أن تجعلوا الله عرضة لأيمانكم، وهذا الذي ذهب إليه الزجاج والتبريزي ضعيف، لأن فيه اقتطاع: أن تبروا، مما قبله، والظلم هو اتصاله به، ولأن فيه حذفاً لا دليل عليه وقال الزمخشري: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا، عطف بيان لأيمانكم، أي للأمور المحلوف عليها التي هي: البر والتقوى والإصلاح بين الناس. إنتهى كلامه وهو ضعيف، لأن فيه مخالفة للظاهر، لأن الظاهر من الأيمان هي الأقسام، والبر والتقوى والإصلاح هي المقسم عليها، فهما متباينان، فلا يجوز أن يكون عطف بيان على الإيمان، لكنه لما تأول الأيمان على أنها المحلوف عليها، ساغ له ذلك، وقد بينا أنه لا حاجة تدعونا إلى تأويل الأيمان بالأشياء المحلوف عليها، وعلى مذهبه تكون: أن تبروا، في موضع جر، ولو ادعى أن يكون: أن تبروا، وما بعده بدلاً من: أيمانكم، لكان أولى، لأن عطف البيان أكثر ما يكون في الأعلام.
وذهب الجمهور إلى أن قوله: أن تبروا، مفعول من أجله، ثم اختلفوا في التقدير، فقيل: كراهة أن تبروا، قاله المهدوي، أو لترك أن تبروا، قاله المبرد، وقيل: لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا، قال أبو عبيدة، والطبري كقوله:
فخالف فلا والله تهبط تلعة
أي: لا تهبط، وقيل: إرادة أن تبروا، والتقادير الأول متلاقية حيث المعنى.