من حمر الجلة جأب جسور فأنت ترى هذا السماع وكثرته، وتصرّف العرب في حرف العطف، فتارة عطفت بالواو، وتارة بأو، وتارة ببل، وتارة بأم، وتارة بلا، وكل هذا التصرف يدل على الجواز، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار كقوله تعالى: {وعليها وعلى الفلك تحملون} (المؤمنون: 12) فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً} (فصلت: 11) قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} (الأنعام: 164) وقد خرج على العطف بغير إعادة الجار قوله: ومن لستم له برازقين} (الحجر: 20) عطفاً على قوله: لكم فيها معايش} (الأعراف: 10) (الحجر: 20) أي: ولمن. وقوله: وما يتلى عليكم} عطفاً على الضمير في قوله: فيهنّ، أي: وفيما يتلى عليكم.

وأما القياس فهو أنه كما يجوز أن يبدل منه ويؤكد من غير إعادة من غير إعادة جار، كذلك يجوز أن يعطف عليه من غير إعادة جار، ومن احتج للمنع بأن الضمير كالتنوين، فكان ينبغي أن لا يجوز العطف عليه إلاَّ مع الإعادة لأن التنوين لا يعطف عليه بوجه، وإذا تقرّر أن العطف بغير إعادة الجار ثابت من كلام العرب في نثرها ونظمها، كأن يخرج عطف: والمسجد الحرام، على الضمير في: به، أرجح، بل هو متعين، لأن وصف الكلام، وفصاحة التركيب تقتضي ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015