{قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} هذه الجملة مبتدأ وخبر، و: قتال، نكرة، وسوغ الابتداء بها كونها وصفت بالجار والمجرور، وهكذا قالوا، ويجوز أن يكون: فيه، معمولاً لقتال، فلا يكون في موضع الصفة، وتقييد النكرة بالمعمول مسوغ أيضاً لجواز الابتداء بالنكرة، وحدّ الاسم إذا تقدّم نكرة، وكان إياها، أن يعود معرفاً بالألف واللام، تقول: لقيت رجلاً فضربت الرجل، كما قال تعالى: {كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول} (المزمل: 16) قيل: وإنما لم يعد بالألف واللام هنا لأنه ليس المراد تعظيم القتال المذكور المسؤول عنه. حتى يعاد بالألف واللام، بل المراد تعظيم: أي قتال كان في الشهر الحرام، فعلى هذا: قتال الثاني، غير الأوّل انتهى.
وليست الألف واللام تفيد التعظيم في الاسم، إذ كانت النكرة السابقة، بل هي فيه للعهد السابق، وقيل: في «المنتخب» : إنما نكر فيهما لأن النكرة الثانية هي غير الأولى.
{وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} هذه جملة من مبتدأ وخبر معطوفة على قوله تعالى: {فيه كبير} ، وكلا الجملتين مقولة، أي: قل لهم قتال في الشهر الحرام إثم كبير، وقل لهم: صدّ عن كذا إلى آخره، أكبر من القتال، ويحتمل أن يكون مقطوعاً من القول، بل إخبار مجرد عن أن الصدّ عن سبيل الله، وكذا وكذا، أكبر.
وتقدّم لنا أن هذه الجملة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ: صدّ، وهو نكرة مقيدة بالجار والمجرور، فساغ الابتداء، وهو مصدر محذوف فاعله ومفعوله للعلم بهما، أي: وصدّكم المسلمين عن سبيل الله.
و: {كفر به} ، معطوف على: وصدّ، وهو أيضاً مصدر لازم حذف فاعله، تقديره: وكفركم به، والضمير في: به، يعود على السبيل لأنه هو المحدّث عنه بأنه صدّ عنه.