{يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ} والضمير المرفوع في: يسألونك، للمؤمنين، والكاف لخطاب النبي صلى الله عليه وسلّم و: ماذا، يحتمل هنا النصب والرفع، فالنصب على أن: ماذا، كلها استفهام، كأنه قال: أي شيء ينفقون؟ فماذا منصوب بينفقون، والرفع على أن: ما. وحدها هي الاستفهام، وذا موصولة بمعنى الذي، وينفقون صلة لذا، والعائد محذوف، التقدير: ما الذي ينفقون به؟ فتكون: ما، مرفوعة بالابتداء، وذا بمعنى الذي خبره، وعلى كلا الإعرابين فيسألونك معلق، فهو عامل في المعنى دون اللفظ، وهو في موضع المفعول الثاني ليسألونك، ونظيره ما تقدم من قوله: {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة} (البقرة: 211) على ما شرحناه هناك.
و: ماذا، سؤال عن المنفق، لا عن المصرف وكأن في الكلام حذفاً تقديره: ولمن يعطونه؟ ونظير الآية في السؤال والتعليق. قول الشاعر:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول
إلاَّ أن: ماذا، هنا مبتدأ، وخبر، ولا يجوز أن يكون مفعولاً بيحاول، لأن بعده:
أنحبُ فيُقضى، أم ضلال وباطل
ويضعف أن يكون: ماذا كله مبتدأ، و: يحاول، الخبر لضعف حذف العائد المنصوب من خبر المبتدأ دون الصلة، فإن حذفه منها فصيح، وذكر ابن عطية: أن: ماذا، إذا كانت اسماً مركباً فهي في موضع نصب، إلاَّ ما جاء من قول الشاعر:
وماذا عسى الواشون أن يتحدَّثوا
سوى أن يقولوا: إنني لك عاشق فإن عسى لا تعمل في: ماذا، في موضع رفع، وهو مركب إذ لا صلة لذا. انتهى.
وإنما لم يكن: لذا، في البيت صلة لأن عسى لا تقع صلة للموصول الإسمي، فلا يجوز لذا أن تكون بمعنى الذي، وما ذكره ابن عطية من أنه إذا كانت اسماً مركبة فهي في موضع نصب، إلاَّ، في ذلك البيت لا نعرفه، بل يجوز أن نقول: ماذا محبوب لك؟ و: من ذا قائم؟ على تقدير التركيب، فكأنك قلت: ما محبوب؟ ومن قائم؟ ولا فرق بين هذا وبين من ذا تضربه؟ على تقديره: من تضربه؟ وجعل: من، مبتدأ.