وهذا كله يدل على زيادة النون في: جهنم وامتنعت الصرف للعلمية والتأنيث، وقيل: هي أعجمية وأصلها كهنام، فعربت بإبدال من الكاف جيماً. وبإسقاط الألف، ومنعت الصرف على هذا للعجمة والعلمية.
حسب: بمعنى: كافٍ، تقول أحسبني الشيء: كفاني، فوقع حسب موقع: محسب، ويستعمل مبتدأ فيجر خبره بباء زائدة، وإذا استعمل خبراً لا يزاد فيه الباء وصفة فيضاف، ولا يتعرف إذا أضيف إلى معرفة، تقول: مررت برجل حسبك، ويجيء معه التمييز نحو: برجل حسبك من رجل ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وإن كان صفة لمثنى أو مجموع أو مؤنث لأنه مصدر.
{وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} والظاهر أن هذه الجملة الابتدائية معطوفة على صلة مَنْ، فهي صلة، وجوزوا أن تكون حالاً معطوفة على: ويشهد إذا كانت حالاً، أو حالاً من الضمير المستكن في: ويشهد.
وإذا كان الخصام جمعاً، كان ألدّ من إضافة بعض إلى كل، وإذا كان مصدراً فقد ذكرنا تصحيح ذلك بالحذف الذي قررناه، فإن جعلته بمعنى اسم الفاعل فهو كالجمع في أن أفعل بعض ما أضيف إليه، وإن تأولت أفعل على غير بابها، فألدّ من باب إضافة الصفة المشبهة.
يعني أن: أفعل ليس من باب ما أضيف إلى ما هو بعضه، بل هي إضافة على معنى: في، وهذا مخالف لما يزعمه النحاة من أن أفعل التفضيل لا يضاف إلاَّ لما هي بعض له، وفيه إثبات الإضافة بمعنى في، وهو قول مرجوح في النحو.
{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الأٌّرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} وقرأ الجمهور: ويهلك، من أهلك. عطفاً على: ليفسد، وقرأ أبي: وليهلك، بإظهار لام العلة، وقرأ قوم: ويهلك، من أهلك، وبرفع الكاف. وخرج على أن يكون عطفاً على قوله: يعجبك، أو على: سعى، لأنه في معنى: يسعى، وأما على الاستئناف، أو على إضمار مبتدأ، أي: وهو يهلك.