{وَفِي الأٌّخِرَةِ حَسَنَةً} : الواو فيها لعطف شيئين على شيئين، فعطفت في الآخرة حسنة، على: الدنيا حسنة، والحرف قد يعطف شيئين فأكثر على شيئين فأكثر، تقول: أعلمت زيداً أخاك منطلقاً وعمراً أباه مقيماً، إلاَّ إن ناب عن عاملين ففيه خلاف، وفي الجواز تفصيل. وليس هذا من الفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف والمجرور كما ظن بعضهم، فأجاز ذلك مستدلاً به على ضعف مذهب الفارسي في أن ذلك مخصوص بالشعر، لأن الآية ليست من هذا الباب، بل من عطف شيئين فأكثر على شيئين فأكثر، وإنما الذي وقع فيه خلاف أبي علي هو: ضربت زيداً وفي الدار عمراً، وإنما يستدل على ضعف مذهب أبي علي بقوله تعالى: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} (الطلاق: 12) وبقوله: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (النساء: 58) وتمام الكلام على هذه المسألة مذكور في علم النحو.
وقال القيثري: واللام في النار لام الجنس.
{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ} و: من، في قوله: مما كسبوا، يحتمل أن تكون للتبعيض، أي: نصيب من جنس ما كسبوا، ويحتمل أن يكون للسبب، و: ما، يحتمل أن تكون موصولة لمعنى الذي أو موصولة مصدرية أي: من كسبهم، وقيل: أولئك، مختص بالإشارة إلى طالبي الحسنتين فقط، ولم يذكر ابن عطية غيره. وذكره الزمخشري بإزائه.