رب العباد إليه الوجه والعمل تقديره: من ذنب، وذهب أبو الحسن بن الطراوة إلى أن: استغفر، يتعدى بنفسها إلى مفعولين صريحين، وأن قولهم: استغفر الله من الذنب، إنما جاء على سبيل التضمين، كأنه قال: تبت إلى الله من الذنب، وهو محجوج بقول سيبويه، ونقله عن العرب وذلك مذكور في علم النحو، وحذف هنا المفعول الثاني للعلم به، ولم يجىء في القرآن مثبتاً، لا مجروراً بمن، ولا منصوباً، بخلاف: غفر، فإنه تارة جاء في القرآن مذكوراً مفعوله، كقوله: {ومن يغفر الذنوب إلا الله} (آل عمران: 135) وتارة محذوفاً. كقوله تعالى: يغفر لمن يشاء} (المائدة: 18) وجاء: استغفر، أيضاً معدّى باللام، كما قال تعالى: فاستغفروا لذنوبهم} (آل عمران: 135) واستغفر لذنبك} (غافر: 55) وكأن هذه اللام، والله أعلم، لام العلة، وأن ما دخلت عليه مفعول من أجله، واستفعل هنا للطلب، كاستوهب واستطعم واستعان، وهو أحد المعاني التي جاء لها استفعل، وقد ذكرنا ذلك في قوله: وإياك نستعين} (الفاتحة: 5) .

{فَاذْكُرُواْ اللَّهَ} فاذكروا الله: هذا جواب: إذ.

ونقل ابن عطية أن محمد بن كعب القرظي قرأ: كذكركم آباؤكم، برفع الآباء، ونقل غيره عن محمد بن كعب أنه قرأ: أباكم، على الإفراد، ووجه الرفع أنه فاعل بالمصدر، والمصدر مضاف إلى المفعول، التقدير: كما يذكركم آباؤكم. والمعنى: ابتهلوا بذكر الله والهجوا به كما يلهج المرء بذكر ابنه. ووجه الإفراد أنه استغنى به عن الجمع، لأنه يفهم الجمع من الإضافة إلى الجمع، لأنه معلوم أن المخاطبين ليس لهم أب واحد، بل آباء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015