فتكلف واضح ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلا على ما اقتضاه ظاهر التركيب، وهكذا عادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة. وتقدم الكلام في الرياء في سورة البقرة.
ثلاث آيات مكية
وقرأ الجمهور: شانئك بالألف؛ وابن عباس: شينك بغير ألف. فقيل: مقصور من شاني، كما قالوا: برر وبر في بارر وبار. ويجوز أن يكون بناء على فعل، وهو مضاف للمفعول إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال؛ وإن كان بمعنى الماضي فتكون إضافته لا من نصب على مذهب البصريين. وقد قالوا: حذر أموراً ومزقون عرضي، فلا يستوحش من كونه مضافاً للمفعول، وهو مبتدأ، والأحسن الأعرف في المعنى أن يكون فصلاً.
ست آيات مكية
وقال الزمخشري: لا أعبد {الأٌّبْتَرُ * قُلْ يأَيُّهَا الْكَفِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَبِدُونَ مَآ} ، أريدت به العبادة فيما يستقبل، لأن لا لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال، كما أن ما لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال.
أما حصره في قوله: لأن لا لا تدخل، وفي قوله: ما لا تدخل، فليس بصيح، بل ذلك غالب فيهما لا متحتم. وقد ذكر النحاة دخول لا على المضارع يراد به الحال، ودخول ما على المضارع يراد به الاستقبال، وذلك مذكور في المبسوطات من كتب النحو؛ ولذلك لم يورد سيبويه ذلك بأداة الحصر، إنما قال: وتكون لا نفياً لقوله يفعل ولم يقع الفعل. وقال: وأما ما فهي نفي لقوله هو يفعل إذا كان في حال الفعل، فذكر الغالب فيهما.
وأما قوله: في قوله ولا أنا عابد ما عبدتم {تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَبِدُونَ مَآ} : أي وما كنت قط عابداً فيما سلف ما عبدتم فيه، فلا يستقيم، لأن عابداً اسم فاعل قد عمل فيما عبدتم، فلا يفسر بالماضي، إنما يفسر بالحال أو الاستقبال؛ وليس مذهبه في اسم الفاعل مذهب الكسائي وهشام من جواز إعماله ماضياً.