ولما كان المعنى هذا، جاء الإخبار بعده بقوله: {تنزل على كل أفاك أثيم،} كأنه لما قال: هل أخبركم بكذا؟ قيل له: أخبر، فقال: {تنزل على كل أفاك.
وأكثرهم} : أي وأكثر الشياطين الملقين {كاذبون.} فعلى معنى الإنصات يكون استئناف إخبار، وعلى إلقاء المسموع إلى الكهنة احتمل الاستئناف، واحتمل أن يكون حالاً من الشياطين، أي تنزل على كل أفاك أثيم ملقين ما سمعوا. ويحتمل أن يعود الضمير في يلقون على كل أفاك أثيم، وجمع الضمير، لأن كل أفاك فيه عموم وتحته أفراد.
(تنزل على كل أفاك) .
وعلى كون الضمير عائداً على كل أفاك، احتمل أن يكون يلقون استئناف إخبار عن الأفاكين، واحتمل أن يكون صفة لكل أفاك، ولا تعارض بين قوله: {كل أفاك.
وسيعلم} هنا معلقة، وأي منقلب: استفهام، والناصب له ينقلبون، وهو مصدر. والجملة في موضع المفعول لسيعلم. وقال أبو البقاء: أي منقلب مصدر نعت لمصدر محذوف، والعامل ينقلبون انقلاباً، أي منقلب، ولا يعمل فيه يعلم، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. انتهى. وهذا تخليط، لأن أياً، إذا وصف بها، لم تكن استفهاماً، بل أي الموصوف بها قسم لأي المستفهم بها، لا قسم. فأي تكون شرطية واستفهامية وموصولة، ووصفاً على مذهب الأخفش موصوفة بنكرة نحو: مررت بأي معجبلك، وتكون مناداة وصلة لنداء ما فيه الألف واللام نحو: يا أيها الرجل. والأخفش يزعم أن التي في النداء موصولة. ومذهب الجمهور أنها قسم برأسه، والصفة تقع حالاً من المعرفة، فهذه أقسام أي؛ فإذا قلت: قد علمت أي ضرب تضرب، فهي استفهامية، لا صفة لمصدر محذوف.
وهي خمس وتسعون آية مكية
{الْقُرْءَانِ وَكِتَبٍ}