فإن قلت: وتلك إشارة إلى ماذا؟ وأن عبدت ما محلها من الإعراب؟ قلت: تلك إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة، لا يدري ما هي إلا بتفسيرها؛ ومحل أن عبدت الرفع، عطف بيان لتلك، ونظيره قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} ، والمعنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها عليّ. وقال الزجاج: يجوز أن يكون في موضع نصب، المعنى أنها صارت نعمة عليّ، لأن عبدت بني إسرائيل، أي لو لم تفعل لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم. انتهى. وقال الحوفي: {أن عبدت بني إسرائيل} في موضع نصب مفعول من أجله. وقال أبو البقاء: بدل.

وجاء قوله: {وما بينهما} على التثنية، والعائد عليه الضمير مجموع اعتباراً للجنسين: جنس السماء، وجنس الأرض؛ كما ثنى المظهر في قوله:

بين رماحي مالك ونهشل

اعتباراً للجنسين: قال الزمخشري: أو لو جئتك، واو الحال دخلت عليها همزة الاستفهام، معناه: أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين؟ انتهى. وتقدّم لنا الكلام على هذه الواو، والداخلة على لو في مثل هذا السياق في قوله: {أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون} ، فأغنى عن إعادته. وقال الحوفي: واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام للتقرير، والمعنى: أتسجنني حتى في هذه الحالة التي لا تناسب أن أسجن وأنا متلبس بها؟.

وقدره الزمخشري: إن كنت من الصادقين في دعواك أتيت به. جعل الجواب المحذوف فعلاً ماضياً، ولا يقدر إلا من جنس الدليل بقوله: أنت ظالم إن فعلت، تقديره: أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم. وقال الحوفي: إن حرف شرط يجوز أن يكون ما تقدم جوابه، وجاز تقديم الجواب، لأن حذف الشرط لم يعمل في اللفظ شيئاً. ويجوز أن يكون الجواب محذوفاً تقديره فأت به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015