الوجهين انتهى. يعني بالرفع أن يرتفع على الابتداء ومن قبل الخبر، وقد ذكرنا أن ذلك لا يجوز. ويعني بالنصب أن يكون عطفاً على المصدر. المنسبك من قوله: إن أباكم قد أخذ، وفيه الفصل بين حرف العطف الذي هو الواو، وبين المعطوف. وأحسن هذه الأوجه ما بدأنا به من كون ما زائدة، وبرح التامة تكون بمعنى ذهب وبمعنى ظهر، ومنه برح الخفاء أي ظهر. وذهب لا ينتصب الظرف المكاني المختص بها، إنما يصل إليه بوساطة في فاحتيج إلى اعتقاد تضمين برح بمعنى فارق، فانتصب الأرض على أنه مفعول به. ولا يجوز أن تكون ناقصة لأنه لا ينعقد من اسمها، والأرض المنصوب على الظرف مبتدأ وخبر، لأنه لا يصل إلا بحرف في. لو قلت: زيد الأرض لم يجز.
والظاهر أن ويحكم معطوف على يأذن. وجوز أن يكون منصوباً بإضمار أن بعد أو في جواب النفي، وهو: فلن أبرح الأرض أي: إلا أن يحكم الله لي، كقولك: لألزمنك أو تقضيني حقي، أي: إلا أن تقضيني، ومعناها ومعنى الغاية متقاربان.
ألا ترى إلى قول يعقوب: يا أسفي، ونادى الأسف على سبيل المجاز على معنى: هذا زمانك فاحضر. والظاهر أنه يضاف إلى ياء المتكلم قلبت ألفاً، كما قالوا: في يا غلامي يا غلاماً. وقيل: هو على الندبة، وحذف الهاء التي للسكت.
وجواب القسم تفتؤ حذفت منه، لا لأنّ حذفها جائز، والمعنى: لا تزال.
وقرأ أبي: أئنك أو أنت يوسف. وخرجه ابن جني على حذف خبر إن وقدره: أئنك لأنت يوسف، أو أنت يوسف. وقدره الزمخشري: أئنك يوسف، أو أنت يوسف، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه.
في قراءة الجمهور: أئنك لأنت، يجوز أن تكون اللام دخلت على أنت، وهو فصل: وخبر أنّ يوسف كما تقول: إنْ كان زيد لهو الفاضل. ويجوز أن تكون دخلت على أنت وهو مبتدأ، ويوسف خبره، والجملة في موضع خبر إن، ولا يجوز أن يكون أنت توكيداً للضمير الذي هو اسم إن لحيلولة اللام بينهما.