بالغيب يحتمل أن يكون حالاً من الفاعل أي: غائباً عنه، أو من المفعول أي: غائباً عني، أو ظرفاً أي بمكان الغيب. والظاهر أنّ إلا ما رحم ربي استصناء متصل من قوله: لأمارة بالسوء، لأنه أراد الجنس بقوله: إن النفس، فكأنه قال: إلا النفس التي رحمها ربي فلا تأمر بالسوء، فكون استثناء من الضمير المستكن في أمارة. ويجوز أن يكون مستثنى من مفعول أمارة المحذوف إذ التقدير: لأمارة بالسوء صاحبها، إلا الذي رحمه ربي فلا تأمره بالسوء. وجوزوا أن يكون مستثنى من ظرف الزمان المفهوم عمومه من ما قبل الاستثناء، وما ظرفية إذ التقدير: لأمارة بالسوء مدة بقائها إلا وقت رحمة الله العبد وذهابه بها عن اشتهاء المعاصي. وجوزوا أن يكون استثناء منقطعاً، وما مصدرية. وذكر ابن عطية أنه قول الجمهور أي: ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة.

والظاهر أن الفاعل بكلمه هو ضمير الملك أي: فلما كلمه الملك ورأى حسن جوابه ومحاورته. ويحتمل أن يكون الفاعل ضمير يوسف أي: فلما كلم يوسف الملك.

والظاهر أنّ قراءة الياء يكون فاعل نشاء ضميراً يعود على يوسف.

تنكر أخ، ولم يقل بأخيكم وإن كان قد عرفه وعرفهم مبالغة في كونه لا يريد أن يتعرف لهم، ولا أنه يدري من هو. ألا ترى فرقاً بين مررت بغلامك، ومررت بغلام لك؟ إنك في التعريف تكون عارفاً بالغلام، وفي التنكير أنت جال به. فالتعريف يفيد فرع عهد في الغلام بينك وبين المخاطب، والتنكير لا عهد فيه البتة. وجائز أن نخبر عمن تعرفه أخبار النكرة فتقول: قال رجل لنا وأنت تعرفه لصدق إطلاق النكرة على المعرفة.

واحتمل قوله: ولا تقربون، أن يكون نهياً، وأن يكون نفياً مستقلاً ومعناه النهي. وحذفت النون وهو مرفوع، كما حذفت في فبم تبشرون أن يكون نفياً داخلاً في الجزاء معطوفاً على محل فلا كيل لكم عندي، فيكون مجزوماً والمعنى: أنهم لا يقربون له بكذا ولا طاعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015