وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه قاله: الزمخشري. وقال ابن عطية: ووجه تكريرها توكيد هذا المعنى. وقال أبو علي: ظاهره أنه تكرير وليس بتكرير، لأن الآيتين في فريقين من المنافقين، ولو كان تكريراً لكان مع تباعد الآيتين لفائدة التأكيد والتذكير. وقيل: أراد بالأولى لا تعظمهم في حال حياتهم بسبب كثرة المال والولد، وبالثانية لا تعظمهم بعد وفاتهم لمانع الكفر والنفاق. وقد تغايرت الآيتان في ألفاظ هنا، ولا، وهناك، فلا ومناسبة الفاء أنه عقب قوله: ولا ينفقون إلا وهم كارهون أي: للإنفاق، فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد، فنهاه عن الإعجاب بفاء التعقيب. ومناسبة الواو أنه نهي عطف على نهي قبله. ولا تصل، ولا تقم، ولا تعجبك، فناسبت الواو وهنا وأولادهم وهناك، ولا أولادهم، فذكر لا مشعر بالنهي عن الإعجاب بكل واحد واحد على انفراد. ويتضمن ذلك النهي عن المجموع، وهنا سقطت، فكان نهياً عن إعجاب المجموع. ويتضمن ذلك النهي عن الإعجاب بكل واحد واحد. فدلت الآيتان بمنطوقهما ومفهومهما على النهي عن الإعجاب بالأموال والأولاد مجتمعين ومنفردين. وهنا أن يعذبهم، وهناك ليعذبهم، فأتى باللام مشعرة بالتعليل. ومفعول يريد محذوف أي: إنما يريد الله ابتلاءهم بالأموال والأولاد لتعذيبهم. وأتى بأن لأنّ مصب الإرادة هو التعذيب أي: إنما يريد الله تعذيبهم. فقد اختلف متعلق الفعل في الآيتين هذا الظاهر، وإن كان يحتمل زيادة اللام. والتعليل بأنّ وهناك الدنيا، وهنا في الحياة الدنيا، فأثبت في الحياة على الأصل، وحذفت هنا تنبيهاً على خسة الدنيا، وأنها لا تستحق أن تسمى حياة، ولا سيما حين تقدمها ذكر موت المنافقين، فناسب أنْ لا تسمى حياة.
ليست هنا إذاً تفيد التعليق فقط، بل انجرَّ معها معنى التكرار سواء كان ذلك فيها بحكم الوضع أنه بحكم غالب الاستعمال، لا الوضع. وهي مسألة خلاف في النحو، ومما وجد معها التكرار قول الشاعر: