وقيل: لفظه أمر ومعناه الشرط، بمعنى إنْ استغفرت أو لم تستغفر لن يغفر الله، فيكون مثل قوله: قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكماسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ} وبمنزلة قول الشاعر:

أسيء بنا أو أحسني لا ملومة

لدينا ولا مقلية إن تقلت ومر الكلام في هذا في قوله: {قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً} وإلى هذا المعنى ذهب الطبري وغيره، وهو اختيار الزمخشري قال: وقد ذكرنا أن هذا الأمر في معنى الخبر كأنه قيل: لن يغفر الله لهم استغفرت أم لم تستغفر، وإن فيه معنى الشرط، وذكرنا النكتة في المجيء به على لفظ الأمر انتهى. يعني في تفسير قوله تعالى: {قل أنفقوا} وكان قال هناك. (فإن قلت) : كيف أمرهم بالإنفاق ثم قال: لن يتقبل؟ (قلت) : هو أمر في معنى الخبر كقوله: {قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدًّا} ومعناه: لن يتقبل منكم أنفقتم طوعاً أو كرهاً، ونحوه قوله: أستغفر لهم أو لا تستغفر لهم، وقوله:

أسيء بنا أو أحسنيي لا ملومة

أي: لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أو لا تستغفر لهم، ولا نلومك أحسنت إلينا أو أسأت. فإن قيل: متى يجوز نحو هذا؟ قلت: إذا دل الكلام عليه كما كان في قولك: غفر الله لزيد ورحمة. (فإن قلت) : لم فعل ذلك؟ (قلت) : لنكتة وهي أنّ كثيراً كأنه يقول لعزة: امتحني لطف محلك عندي، وقوة محبتي لك، وعامليني بالإساءة والإحْسان، وانظري هل تتفاوت خالي معك مسيئة كنت أو محسنة. وفي معناه قول القائل:

أحول الذي إن قمت بالسيف عامداً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015