قال ابن عطية: السين مدخلة في الوعد مهلة، لتكون النفوس تتنعم برجائه وفضله تعالى. وقال الزمخشري: السين مفيدة وجوب الرحمة لا محالة، فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد في قولك: سأنتقم منك يوماً يعني: إنك لا تفوتني وإن تبطأ ذلك. ونحوه: سيجعل لهم الرحمن وداً ولسوف يعطيك ربك سوف نؤتيهم أجورهمأَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَهِيمَ وِأَصْحَبِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} انتهى. وفيه دفينة خفية من الاعتزال بقوله: السين مفيدة وجوب الرحمة لا محالة، يشير إلى أنه يجب على الله تعالى إثابة الطائع، كما تجب عقوبة العاصي. وليس مدلول السين توكيد ما دخلت عليه، إنما تدل على تخليص المضارع للاستقبال فقط. ولما كانت الرحمة هنا عبارة عما يترتب على تلك الأعمال الصالحة من الثواب والعقاب في الآخرة، أتى بالسين التي تدل على استقبال الفعل أنّ الله عزيز غالب على كل شيء، قادر عليه، حكيم واضع كلاًّ موضعه.