هذا الخطاب لبني آدم. قيل: هو في الأول، وقيل: هو مراعى به وقت الإنزال وجاء بصورة الاستقبال لتقوى الإشارة بصحّة النبوة إلى محمد وما في إمّا تأكيد، قال ابن عطية وإذا لم يكن ما لم يجز دخول النون الثقيلة انتهى، وبعض النحويين يجيز ذلك وجواب الشرط {فمن اتقى} فيحتمل أن تكون من شرطيّة وجوابه {فلا خوف} وتكون هذه الجملة الشرطية مستقلة بجواب الشرط الأوّل من جهة اللفظ ويحتمل أن تكون من موصولة فتكون هذه الجملة والتي بعدها من قوله {والذين كذّبوا} مجموعهما هو جواب الشرط وكأنه قصد بالكلام التقسيم وجعل القسمان جواباً للشّرط أي {إما يأتينكم} .

{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِئَايَتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِئَايَتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَبِ حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَفِرِينَ}

تقدّم الكلام على حتى إذا في الأوائل الأنعام، ووقع في التحرير {حتى} هنا ليس بغاية بل هي ابتداء وجر والجملة بعدها في موضع جرّ وهذا وهم بل معناها هنا الغاية والخلاف فيها إذا كانت حرف ابتداء أهي حرف جر والجملة بعدها في موضع جرّ وتتعلق بما قبلها كما تتعلق حروف الجرّ أم ليست حرف جر ولا تتعلق بما قبلها تعلّق حروف الجر من حيث المعنى لا من حيث الإعراب قولان: الأوّل لابن درستويه والزّجاج، والثاني للجمهور وإذا كانت حرف ابتداء فهي للغاية ألا تراها في قول الشاعر:

سريت بهم حتى تكلّ مطيهم

وحتى الجياد ما يقدن بارسان وقول الآخر:

فما زالت القتلى تمجّ دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015