قرأ قتادة قل هي لمن آمن، وقرأ نافع {خالصة} بالرفع، وقرأ باقي السبعة بالنصب فأما النصب فعلى الحال والتقدير {قل هي} مستقرّة {للذين آمنوا} في حال خلوصها لهم يوم القيامة وهي حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبراً لهي و {في الحياة} متعلق بآمنوا ويصير المعنى قل هي خالصة يوم القيامة لمن آمن في الدّنيا ولا يعني بيوم القيامة وقت الحساب وخلوصها كونهم لا يعاقبون عليها وإلى هذا المعنى يشير تفسير ابن جبير، وجوّزوا فيه أن يكون خبراً بعد خبر والخبر الأوّل هو {للذين آمنوا} و {في الحياة الدّنيا} متعلق بما تعلق به للذين وهو الكون المطلق.
وقال أبو عليّ في الحجة ويصح أن يعلق قوله {في الحياة الدنيا} بقوله {حرم ولا يصح أن يتعلق بقوله أخرج لعباده} ويجوز ذلك وإن فصل بين الصلة والموصول بقوله {هي للذين آمنوا} لأنّ ذلك كلام يشدّ القصة وليس بأجنبي منها جدّاً كما جاز ذلك في قوله {والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلّة} فقوله: {وترهقهم ذلّة} معطوف على {كسبوا} داخل في الصلاة والتعلّق بأخرج هو قول الأخفش، ويصحّ أن يتعلق بقوله {والطيّبات} ويصح أن يتعلق بقوله {من الرّزق} انتهى. وتقادير أبي عليّ والأخفش فيها تفكيك للكلام وسلوك به غير ما تقتضيه الفصاحة، وهي تقادير أعجمية بعيدة عن البلاغة لا تناسب في كتاب الله بل لو قدّرت في شعر الشنفري ما ناسب والنحاة الصّرف غير الأدباء بمعزل عن إدراك الفصاحة وأما تشبيه ذلك بقوله {والذين كسبوا} فليس ما قاله بمتعيّن فيه بل ولا ظاهر بل قوله {جزاء سيئة بمثلها} هو خبر عن النهي أي جزاء سيئة منهم بمثلها وحذف منهم لدلالة المعنى عليه كما حذف من قولهم السّمن منوان درهم أي منوان منه وقوله {وترهقهم ذلة} معطوف على {جزاء سيئة بمثلها} وسيأتي توضيح هذا بأكثر في موضعه إن شاء الله تعالى.